العناية بالعملاء

رضا العميل

يقول مثلنا العربي “رضا الناس غاية لا تدرك”.
ولكننا مع ذلك مطالبون بالمحاولة وبذل الجهد، وبذلك قد نستطيع الوصول إلى مرحلة متقدمة من إرضاء العملاء، وما لا يدرك كله لا يترك جله”. ولكن ماذا نقصد برضا العميل؟

يعرفه البعض بأنه رجوع العميل إلي الشراء من الشركة مرات ومرات، أو نصح أصدقائه بالشراء منها والتعامل معها. وقد يقول البعض الآخر إن من سماته أن يشكرك العملاء على الخدمة الجيدة أو يشيعون ذلك في أحاديثهم. وكل هذه سمات عامة تدل على الرضا فعلاً، وتؤدي إلى الغرض المطلوب.

ولكن لنكون أكثر دقةً دعنا نقل: “إن رضا العملاء يتمثل في العلاقة الطردية بين ما يتوقعونه وما يحصلون عليه” كيف ذلك؟ دعني أوضح قليلاً:

عندما يتعامل العميل مع شركة ما فإنه ـ من دون شك ـ يتوقع منها أشياء معينة من ضمنها جودة الخدمة، وعندما تكون النتائج أقل من توقعاته، فإنه يشعر بعدم الرضا عن الشركة ومنتجاتها، وكلما كانت النتائج أقرب إلى توقعات العميل، فإن رضا العملاء يكون أكبر، فإذا تساوت النتائج مع التوقعات حصلت الشركة على الرضا الكامل من العميل. ولكن يجب على الشركة أن تسعى دائمًا إلى جعل النتائج تفوق التوقعات لتجعل عملاءها يسعدون أكثر.

النتائج أقل من التوقعات             عدم رضا العميل.
النتائج مساوية للتوقعات            رضا العميل.
النتائج تفوق التوقعات            العميل أكثر رضًا.

وعلى سبيل المثال: عندما يذهب عميل ما إلى فندق من فئة خمس نجوم، فإنه من خلال خبراته السابقة، أو من المعلومات التي استقاها من إعلانات الفندق تتولد لديه توقعات معينة عن مستوى الخدمة بهذه الفئة من الفنادق. وعندما يجدها كما توقعها فإنه يكون راضيًا، ولكنه عندما يجدها على غير مستوى المتوقع، فإنه يصاب عندها بالإحباط وخيبة الأمل. لذلك يجب أن تكون الشركات حريصة على الوفاء بوعودها لعملائها، وألا تعد بأكثر مما تستطيع الوفاء به؛ لأنها من السهل أن تعد، ولكن (قد يكون) من الصعوبة أن تفي بما وعدت به.

وقد شاهدت حملات إعلانية تنفذها بعض شركاتنا المحلية وترفع بشكل كبير من توقعات العملاء، ولكنهم يفاجؤون عند طلب الخدمة أن هذا التوقع بعيد عن الحقيقة، مما يشكل خطورة كبيرة جدًا على رضا العملاء.

وسبق أن رأيت أمامي شخصًا يقارن بين صورة الساندويتش بالإعلان والساندويتش الحقيقي في فرع لأحد المطاعم العالمية المتخصصة في الوجبات السريعة. وكانت المقارنة في غير مصلحة الساندويتش الحقيقي، فساندويتش الإعلان كان كبيرًا وذا منظر جذاب، ولكنه في الواقع صغير وليس بتلك الجاذبية التي تظهر في الإعلان.

فهذا من أسباب عدم رضا العميل بل وجعله يتهمهم بالكذب وغش العميل.

بل إن هناك شركة عطور تدعي دائمًا في إعلاناتها بأن الرجولة لا تكتمل إلا باستخدام ذلك العطر؛ أي رجولة يقصدون؟ وماذا سيتوقعه العميل بعد شرائه؟ لا شك أنه سيحكم عليهم بعدم المصداقية، هذا إن لم يكن حصيفًا ولم يحكم عليهم بالكذب بمجرد رؤية الإعلان.
فماذا كان يضر هذه الشركة لو جعلت إعلانها يعبر عن حقيقة المنتَج، أو تقارب الحقيقة على الأقل.

وأجمل من ذلك أن يتوقع العميل نتيجة ويفاجأ بنتائج أكبر مما توقع، فهذه هي السياسة التي ينبغي أن تسعى إليها الشركات، وهذا ما يجب أن تعمله لجذب العميل. فالشركة هي التي تتحكم في توقعات العملاء بإعلاناتها وأنشطتها المختلفة، فيجب عليها التعقل والاعتدال وعدم الانسياق وراء الوعود الزائفة.

لذلك أُعرّف رضا العميل بأنه إعطاؤه أكثر مما يتوقع، فإن فعلنا ذلك فقد وصلنا إلى مرحلة متقدمة في إرضاء العملاء.

وهذه مناسبة للإشارة إلى الأسباب التي تجعل الشركة تفقد عميلها، ومن أهمها:
•    عدم رضا العميل عن خدمات شركته.
•     سفره خارج نطاق سوق الشركة.
•     وفاته… إلى غير ذلك من الأسباب.

وهي كلها أسباب جديرة بأن تجعل الشركة حريصة على تعويض النقص الذي يدب إلى عملائها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بإقناع العملاء الجدد بأنها أفضل من الشركات الأخرى الموجودة في السوق، ولا يتم ذلك إلا عن طريق التعرف على رغباتهم، والابتعاد عما يزعجهم. ولا يمكن لها أن تصل إلى تلك المعرفة إلا من خلال العميل نفسه. لذلك يجب تشجيعه على إبداء آرائه وملاحظاته على سلع الشركة وخدماتها لتستطيع التعامل مع هذه الآراء والملاحظات ومن ثم تفي برغبات العميل لتضمن كسبه.

د. عبيد بن سعد العبدلي

مؤسس مزيج للاستشارات التسويقية والرئيس التنفيذي أستاذ جامعي سابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. ضربت على وتر حساس عندي يا دكتور ..

    ولو كانت هناك مقالة خاصة عن رضا العميل في السعودية أو حتى العالم العربي لوجدنا الكثير من الأمثلة من عدم الإكتراث بما يفكر العميل أو كيف يشعر ..

    خلال الأسبوع الماضي ذهبت إلى أحد فروع مقهى “كرسبي كريم” بالدمام .. والذي يقوم بترويج عرض يقوم على إعطائك “كلاسيك دونات” مع أي مشروب ساخن تشتريه …. دخلت المحل .. وطلبت قهوة أمريكية .. فأعطاني الموظف طلبي .. ولكنه اعتذر عن الدونات بحكم أنها غير متوفرة في ذلك الوقت .. طبعا طالبته بدونات من شكل آخر .. فقال اسمح لي لا أستطيع خدمتك .. وأن العرض يسري على هذا النوع من الدونات فقط! قلت له إذن وفره لي وإلا لا تضعوا إعلانات لستم أهلا للوفاء بها …. احتد النقاش بيننا .. فطلبت منه استدعاء مديره .. والذي عارض في البداية .. ولكني هددت بمخاطبة الشركة الأم عن طريق الإيميل والشكوى على هذا الفرع بالذات .. هنا تراجع وقال اختر ما تريد من الدونات ..

    أنا كزبون .. لست بحاجة إلي دونتهم .. ولكني أرفض أن أعامل بطريقة تظهرني على أني ساذج أو من مجتمع “يمشّي” .. فباعتقادي أن هذا من التخلف الذي نشهده في العالم الثالث!

    قضية أخرى هي التدخين في الأماكن المغلقة من مطاعم ومقاهٍ ومجمعات تجارية .. أرى فيها تعديا على الزبائن الغير مدخنين .. وعدم احترام لرغباتهم وصحتهم .. ولو كان هناك نظام يحمي المستهلك .. نظام يطبق بعقوبات ومتابعة وغرامات وخط ساخن للشكاوى … أعتقد بأننا سنكون بحال أفضل ..

    دكتور عبيد العبدلي .. شكرا لك ،،

اترك رداً على محمد عبد العزيز إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق