العناية بالعملاءثقافه تسويقيهغير مصنف

خريطة رحلة العميل

مقالة للكاتب Almohannad Alsbeai المهند السبيعي
Senior Service measurement manager – Alrajhi bank

تمهيد

هل تعرف تفاصيل رحلة العميل لديك إذا كانت صاحب منشأة تقدم الخدمات أو المنتجات؟ هل أنت متأكد بأنك تعرف ذلك؟ حتى أولئك الذين أجابوا بنعم قد يصيبهم الذهول إذا ما قاموا برسم خريطة رحلات عملائهم ويقتنعوا لاحقا بأنهم لم يكونوا يعرفون الكثير
هل تذكر لعبة الأفاعي والسلالم في الصورة أعلاه؟ قد يكون وضع عملائك شبيه بهذه اللعبة حيث يمضي اللاعب في مسار بحسب حجر النرد فلا يلبث إلا أن يعود من جديد لمناطق قد مر بها من قبل إذا ما كان حظه عاثر وتوقف عند أحد الثعابين، في الواقع هذا ما يحدث لعملائك عندما لا يكون هناك خرائط معتمدة ومتفق عليها فبعض موظيفك إما عن جهل أو قصد قد يلعب دور الثعبان بهذه اللعبة ليدخل العميل في متاهة ويعيده لمحطات هو بغنى عن العودة لها

ما هي وما فوائدها

تهدف عملية رسم خريطة مسار العميل إلى إنشاء تمثيل بصري لجميع تفاعلات العميل مع شركتك منذ طلبه لخدمة أو منتج معين وحتى حصوله على تلك الخدمة أو المنتج، كما يمكن اعتبارها كقصة مدعمة بخريطة تسرد جميع التفاعلات بين العميل وشركتك في سبيل الحصول على خدمة معينة أو منتج معين

في هذا المسارالمتشعب هناك تفاوت بمستويات الرضا والجهد المبذول من العميل أثناء رحلته، بعض المحطات كانت بنظر العميل غير إلزامية وبعضها متكرر … في هذه الرحلة سيمر العميل بعدة محطات وفي كل محطة بنقطة التماس واحدة أو عدة نقاط … بعض هذه النقاط يكون مفصليا ويسمى بلحظة الصدق، وقد تكون بداية الرحلة من مكان لا تتوقعه أبدا من خلال بحث العميل عنك في شبكة الانترنت وهذه البداية تسمى بلحظة الصدق صفر

إذا ما توفرت لديك خرائط رحلات العميل يمكنك أن تميز اللحظات التي يتشوش بها العميل ويشعر بالضياع، ويمكنك أن تعرف ما هي المعلومات/التوجيهات التي يستقبلها العميل أثناء سيره على هذا المسار، ستكتشف أيضا نقاط الالتماس التي لا يوجد لها متبني أو مسؤول ضمن هيكلية الشركة، ستعرف كذلك من خلالها كيف تستغل الموارد التي لديك على أكمل وجه وكيف تقلل من الجهود والأوقات التي كانت تضيع على أشياء لا يوجد مبرر حقيقي لها ضمن الإجراءات ذات العلاقة بتلك الخريطة، الفهم الحقيقي لفهم كيف تعمل شركتك بنظرة من الخارج للداخل وليس من الداخل للخارج هو رسم خريطة لجميع مسارات العميل المحتملة

هل رأيت يوما في أحد الأفلام أو المسلسلات الإجرامية كيف يقوم المحقق بوضع بعض الصور على خريطة مدينة معينى ويستخدم الملصقات والدبابيس وكيف يقوم بتوصيل الخيوط فيما بينها ليقوم لاحقا باستنتاجات أخرى وهو يتأمل بها، تخطيط رحلة العميل تشبه هذه العملية إلى حدا ما … هل بدأت الفكرة تتبلور في ذهنك أخي القارئ

تستخدم خطط رحلة العميل بشكل رئيسي في برامج إدارة تجربة العميل، حيث يتم تدقيقها ودراسة كل محطة فيها ويتم تحليل الإجراءات ذات العلاقة بهذه المحطات، وفي نهاية الأمر ربما يتم إعادة تصميم الرحلة بشكل كامل أو يتم تغيير مسارها ليصبح أقصر أو أسهل والغاية المنشودة من كل ذلك هو بناء منظمة تتمحور إجراءاتها حول العملاء، اعتماد خرائط رحلات العميل وتكاملها مع إجراءات العمل من إدارة الحوكمة يقتل الظاهرة السامة التي تسمى بــ صوامع المنظمات، وليس هنا مقام الحديث هنا ولكنها باختصار تكتلات وتحزبات تؤثر سلبا على مجريات العمل لأنها تركز على تحقيق مصالح ومآرب شخصية ولا يهمها مصلحة المنظمة أو المصلحة العامة.

ما الفرق بين هذه العملية وبين توثيق إجراءات العمل

في الواقع هناك تقاطع كبير بين رسم خريطة رحلة العميل وبين إجراءات العمل الموثقة وفي بعض المنظمات تكون إدراة توثيق الإجراءات تحت مظلة إدارة تجربة العميل ويمكن للقائمين على الإجراءات المشاركة في رسم خرائط العملاء بسبب اطلاعهم الواسع ويستفاد من مشاركتهم بمناقشة سياسات وقواعد العمل التي ينظر لها على أنها معسرة للعميل وأنها بيروقراطية أكثر من كونها عملية ليتم لاحقا مناقشة تعديلها وطرح بدائل عنها أو إلغاءها بالكلية

أساليب رسم خرائط رحلات العميل

هناك عدة طرق وأساليب مستخدمة لرسم خريطة رحلة العميل، ويشارك في إعداد كل خريطة جميع أصحاب العلاقة والموظفين المحتملين مع أحد ممثلي إدارة تجربة العميل، ليعرف كل شخص دوره وأثره في رحلة العميل من بدايتها وحتى نهايتها، وعلى ذكر المشاركين فإن ذلك يعني أنك ستأخذ من وقت هؤلاء الموظفين والذي يكون تقييم أداء بعضهم يعتمد على الانتاجية فكيف يمكن أن تأخذ من وقت هؤلاء ما لم يكن هناك دعم من الإدارة العليا إيمانا منها بأهمية هذه الخطوة، فقد تحتاج إدارة تجربة العميل إلى إقناع الإدارة العليا من خلال توضيح فوائد القيام بهذه العملية وكيف يمكن أن يكون لتخطيط رحلة العميل دور في تقليل نسبة انحلال العملاء أو زيادة ولاء العملاء، من بعد ذلك ستقوم إدارة تجربة العميل بوضع قائمة بجميع الرحلات أو المسارات التي تنوي رسم خرائطها وهذا ما يسمى بإطار العمل وذلك من أجل وضع خطة تهدف للتنسيق والالتقاء بأصحاب العلاقة لكل خريطة أو مسار على حدا، قبل إجراء اللقاءات تعتمد إدارة تجربة العميل على عدة مدخلات أخرى من بينها برامج صوت العميل (إن كانت المنظمة تقوم بها) وأي أبحاث تسويقية أخرى تتعلق بالصورة الذهنية عن الشركة وكذلك تحليل الشبكات الاجتماعية وما يدور من حوارات بين العملاء حول الشركة، وكذلك الشكاوى تعتبر مصدر معلومات ملهم لتحديد نقاط الضعف في أي رحلة، مقابلة الموظفين كذلك وأخذ أراءهم حول الإجراءات وخصوصا موظفي الخط الأول فهم على علم بالإجراءات وبالسياسات التي قد تكون سببا في تأخير تقديم الخدمة أو تعقيدها وأخيرا وليس آخرا إن كان لديك بنك للأفكار فقد تجد العديد من المقترحات المتعلقة بخدمة معينة والتي قد تفيدك إما بإعادة تصميم الخريطة أو تعديل مسارها
أحد أكثر الأساليب شيوعا هو أن تحضر ورقة بيضاء كبيرة كتلك التي كنا نستخدمها في المدارس ونعلقها بالعرض واحدة أو اثنتين أو ثلاث بجانب بعضها البعض بشكل أفقي، بعض الأقلام ذات الخط العريض وكمية جيدة من الستيكينوت، يتم الاجتماع بجميع أصحاب العلاقة المعنين بالخريطة ومن ثم يتم تيسير الجلسة من قبل أحد ممثلي إدارة تجربة العميل ويبدأ العصف الذهني ويقوم المشاركين بتسجيل محطات الرحلة بالترتيب على الستيكينوتس ومن ثم يقوم ميسر الجلسة بوضع هذه الخطوات على الأوراق البيضاء المعلقة أمام الجميع ليتم مناقشة صحة الترتيب واكتمال جميع النقاط من بداية المسار حتى نهايته، من أين يبدأ العميل ومن ثم ماذا يحدث ومن سيتفاعل معه وهل سيحصل العميل على أي معلومة ومن أين أو من من ويستمر السؤال ثم ماذا … ونعيد الكرة إلى أن تنتهي الأجوبة ونصل إلى جواب ثم يحصل العميل على خدمته أو المنتج الذي يسعى للحصول عليه، بعد ذلك يمكن الدخول بعمق أكبر ويطلب من أصحاب العلاقة وضع أنفسهم في حذاء العميل “ليس بالمعنى الحرفي” ثم يسألون ماذا يريد العميل وماذا ينبغي عليه القيام به للحصول على ما يريد، ولماذا ينبغي القيام بذلك … هنا تكون نوعية الأسئلة لتحدي الوضع الحالي، أثناء هذا التمرين قد يحدث بعض المشاحنات خصوصا وأن بعض المشاركين قد يأخذ موقف دفاعي ظنا منه بأن هذا التمرين سيعري المشاكل المرتبطة بالجانب المسؤول عنه وهنا يأتي دور ميسر الجلسة بتنبيه الجميع أن الغرض النهائي من هذا التمرين ليس إلقاء الاتهامات والملامة وإنما تحسين تجربة العميل وأنه سيكون لصالح الجميع للعملاء خارجيا وللموظفين داخليا، وأثناء هذا الاجتماع يكون ممثل إدارة تجربة العميل يسجل الملاحظات الهامة ليقوم بعد الاجتماع بتحديد نقاط الالتماس وتوثيق الجهات الداخلية المسؤولة عنها وكذلك توثيق نقاط الالتماس التي لا يوجد لها مسؤول يعتني بها ويسجل كذلك لحظات الصدق وكذلك يحدد الأماكن التي يظن بأن إجراءها يجب أن يتغير أو أن يتم إلغاءه بالكلية، يفكر كذلك بالأنظمة التكنولوجية المؤثرة بكل نقطة التماس إن وجد فقد يكون على سبيل المثال فشل الترابط بين هذه الأنظمة يكلف العميل جهدا إضافيا في ذكر اسمه ورقم حسابه عند كل نقطة تفاعل ولاحقا يتم بحث نقاط الالتماس المرصودة واحدة واحدة لتقييم تجربة العميل بها وللتأكد ما إذا كان صوت العميل بها يتم التقاطه من خلال أي قناة كانت، في بعض الشركات يتم كذلك عرض مسودة الخريطة على بعض العملاء للتأكد من اكتمالها وصحة ترتيب الخطوات المذكورة بها، وبعد اعتماد الخريطة لاحقا سواءً بعد الاجتماع مباشرة أو بعد مقابلة بعض العملاء يتم تمثيل الخطة بيانيا باستخدام أحد البرامج ولا تهم هنا الأداء بقدر أهمية التطبيق ويتم إضافة عناصر أخرى على الخريطة غير التي تم نقاشها أثناء الاجتماع، في الفقرة التالية أوضح أهم مكونات الخريطة

مكونات خريطة رحلة العميل الرئيسية

كحال الخرائط الجغرافية ستجد العديد من أدوات الترميز، بعضها يتعلق بالشكل وأخرى ترمز بالألوان لوصف التضاريس، الأمر شبيه هنا في خطط رحلة العمل، تصميم الخريطة أمر يعود بالكلية إلى إدارة تجربة العميل فهنالك عدة قوالب جاهزة لذلك ولكل منها فوائد ومساوئ وتبقى القاعدة المفضلة عندي: كلما كانت أبسط كلما كان أفضل

بشكل عام تتكون كل خريطة رحلة عميل مكونات رئيسية ومنها المحطات أو المراحل، وتحت كل محطة أو مرحلة عدة نقاط التماس، وفي كل مرحلة من المراحل هناك توقعات يتوقعها العميل فهل نعرف ما هي توقعاته أم لا؟ وفي بعض المحطات يمكن أن نجد لحظة صدق أو عدة لحظات صدق وقد لا يكون هناك أي لحظة ضمنها، يمكنك كذلك أن تحدد على الخريطة أين يتم الاستماع لصوت العميل، وما هو مستوى الرضا في بعض نقاط الالتماس في حال كان يتم قياسها، هنالك أيضا مكون رئيسي مهم وهو شخصية العميل (بيرسونا) ففي حال كانت الخدمة المقدمة من شركتك يتم تقديمها لعدة شرائح في المجتمع فحينها ستضطر إلى رسم خطط مختلفة لشرائح مختلفة من المجتمع، فهل ستعامل كبار السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة بنفس الطريقة؟ هل ستعطيهم أي اعتبارات خاصة؟ وحتى لا يحدث خلط شخصية العميل تختلف عن تصنيف العميل المتبع في إدارات التسويق وإن كان شبيه فيه إلا أنه أسلوب متقدم من تصنيف العملاء ضمن مجموعات بناءاً على احتياجاتهم وأنماط حياتهم بخلاف التصنيف المتبع في التسويق والذي يعتمد كثير على المعطيات الديموغرافية الخاصة بالعملاء، إذا نعود فنختصر المكونات الرئيسية: عنوان للخريطة، المحطات/المراحل، نقاط الالتماس، لحظات الصدق، توقعات العميل، أماكن قياس صوت العميل، مستوى الرضا، شخصية العميل المحتمل، أما وجه الخريطة فيمكن تقسيمه إلى قسمين، ذاك القسم الذي يراه العميل فقط (المسار من وجهة نظر العميل)، وذلك القسم الخفي الذي تدور أحداثه خلف الكواليس في العمليات وتكنولوجيا المعلومات … الخ (المسار من وجهة نظر إجراءات العمل) بعد وضع هذه المكونات الإضافية على الخريطة، يمكن أن يتم مشاركتها مع أصحاب العلاقة باختصار ليكونوا على علم بمخاض العملية وعلى وعي بأهمية هذه العملية، عودة على مثال المحقق فإن كل ما سبق هو عملية شبيه بجمع الأدلة وتسجيل الإفادات والشهادات وأطراف الخيوط ويتبقى أخيرا أن يتم وصل كل هذه المعطيات مع بعضها البعض لحل القضية

تسويق الخرائط داخليا وخارجيا

إذا ما تم اعتماد خريطة معينة لرحلة معينة وذلك بعد أن يتم اختبار لأول وثاني مرة فما المانع من تسويقها داخليا وخارجيا؟ هل سبق لأحدكم أن زار بلد جديدا بالكلية لغرض السياحة؟ ما الشيء الذي تفكر في جلبه معك قبل وصولك لذلك البلد؟ لعلها خريطة أليس كذلك، حسنا لربما كنت تقليديا بعض الشيء لنقل تطبيقا للهاتف الذكي يتضمن خريطة تفصيلية للمكان الذي ستذهب إليه ويقدم مسارات معينة يمكن لشخص اتباعها من خلال الجي بي إس لإمضاء كامل يومه خارج الفندق دون الحاجة إلى مرشد سياحي، نفس الأمر ينطبق هنا، تخيل لو زارك عميل جديد لم يسبق له التعامل معك من قبل ووفرت له خريطة إرشادية تتضمن كامل المحطات التي يحتاج أن يمر بها من أجل الحصول على خدمة معينة، كيف سيؤثر ذلك على انطباعه برأيك خصوصا ما إذا كان إخراج هذه الخرائط بطريقة إبداعية وبوسائط متعددة؟ أما التسويق الداخلي فهدفه التوعية والمأسسة لهذا الاتجاه الجديد الذي يركز على تحوير عمليات المنظمة ككل لتكون متمركزة حول العملاء، أنبه إلى أنه لا يوجد إصدار نهائي للخريطة فحتى لو تم اختبارها وأصبحت الإجراءات تمضي على ما يرام يبقى صوت العميل وتوقعاته محل اعتبار والعالم في تغير مستمر فلعل العملاء يطالبون بمنهجية جديدة لتنفيذ العمل أو تكنولوجيا حديثة ليتم تطبيقها في محطة معينة من محطات الخريطة، كل شيء وارد وبناءً على تسارع الأحداث فيحتمل أن تضطر الشركات إلى نشر إصدارات جديدة ومحدثة للخريطة كل سنة

وماذا بعد

بعد الانتهاء من رسم الخريطة تسمر برامج صوت العميل ويتم توسعته بعد نقاش في أي من المحطات يهم الاستماع لصوت العميل وكيف سيتم القيام بذلك، ومن ثم تؤخذ الملاحظة للتأكد من سلامة وسلاسة الخريطة الجديدة، وإلا يتم تعديلها من جديد ومن ثم الاستماع بشكل مستمر لصوت العملاء، ونفس الأمر ينطبق على الخرائط الأخرى لتصبح هذه العملية كدورة حياة هدفها الوحيد ضمان استدامة هذه الخرائط وضمان أفضل تجربة للعميل

خاتمة

ورد في كتاب على ظهر المنديل العديد من الفوائد المترتبة على تمثيل المشاكل باستخدام الرسم وكذلك ذكرت عملية رسم خريطة رحلة العميل كأحد الأدوات المهمة في كتاب الثقة الإبداعية الصادر عن منظمة آيديو المشهورة في حل العديد من المشاكل حول العالم، يبقى أخي القارئ بعد أن أطلت عليكم بالكلام النظري أن أطلب منك التجربة فهي خير برهان على فوائد رسم خرائط رحلة العميل

 

رابط المقالة 

الوسوم

د. عبيد بن سعد العبدلي

مؤسس مزيج للاستشارات التسويقية والرئيس التنفيذي أستاذ جامعي سابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق