قدوة

لقائي مع رئيس هيئة سوق المال معالي الدكتور عبدالرحمن التويجري

altwijri1

منذ إنشاء هيئة سوق المال قبل حوالي أربع سنوات وهي مالئة الدنيا وشاغلة الناس، فهم ما بين راض وساخط ومتهم ومدافع، حسب نتيجة تجربة كل منهم في سوق الأسهم، التي ربطوا بين ما يجري فيها وبين هيئة سوق المال ودورها في استقرار السوق، باعتبار أنها هي جهة الإشراف والرقابة على سوق الأسهم. لكن ما يتفق عليه الجميع هو أن اسم الهيئة وما يرتبط به من نجاح وفشل (في أذهان الناس وتجاربهم) أصبح أحد المفردات الأساسية في ثقافة السعوديين، حتى لا يكاد يخلو منه حديث بين اثنين.
وهناك خلط كثير في مفهوم العلاقة التي تربط الهيئة بالسوق لدرجة أن أي خسارة يواجهها أحد المستثمرين (الهواة غالبًا) في سوق الأسهم يحمل مسؤوليتها لهيئة سوق المال، وكأن لديها العلاج الشافي لكافة الأمراض التي تواجهها السوق والمتعاملين فيها.
لكننا لن نعرج على كل هذا (إلا قليلاً) في هذا اللقاء الذي نجريه مع معالي رئيس هيئة سوق المال الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز التويجري ضمن سلسلة اللقاءات الشهرية التي أجريتها عندما كنت رئسا لتحرير صحيفة طيف الجامعة؛ لأنه قد قيل الكثير عن هيئة سوق المال وعن سوق الأسهم.
فرأينا بدلاً من ذلك أن نركز في هذا اللقاء ـ الذي تفضل به معاليه وخصص له جزءًا ثمينًا من وقته المزدحم بالعمل بتواضع جم ووعي نادر بدور الصحافة باعتبارها وسيطًا بين المسؤولين والمجتمع ـ على جوانب أخرى ربما تكون أكثر فائدة لقراء الصحيفة، (وأكثرهم من شريحة الشباب) مثل مشاريع الهيئة المستقبلية، ومستقبل الاقتصاد السعودي وبعض النصائح المفيدة للشباب، إضافة إلى تجربة معاليه في العمل والحياة…الخ
والحقيقة أن أول ما لفت نظرنا عندما دخلنا الهيئة هو النظام الدقيق للعمل والاحترام الكبير للوقت فيها، فهناك موظف ينتظرنا في الاستقبال، وعندما دخلنا مكتب معاليه قبل الوقت بحوالي عشر دقائق قادنا مدير مكتبه إلى غرفة الانتظار، وفي الساعة الرابعة تمامًا (ربما لا تنقص ثانية ولا تزيد) فتح لنا الباب فوجدنا معاليه على أهبة الاستعداد للقاء. عندها تنفسنا الصعداء وعلمنا أن الهيئة في أيد أمينة.
معالي الدكتور، في البداية نبارك لكم ثقة ولاة الأمر بتعيينكم رئيسًا لمجلس إدارة هيئة سوق المال…والحقيقة أن المعلومات عن معاليكم وعن هيئة سوق المال متوفرة ومتاحة سواء على الإنترنت أو غيرها، لذلك نود في هذا اللقاء أن نخرج من منطقة المؤشر وسوق الأسهم؛ إلى منطقة أخرى نرى أنها أكثر فائدة للشباب ـ الشريحة الأكبر من قراء صحيفتنا. لكننا قبل ذلك نود أن نتوجه إلى معاليكم بسؤال شخصي… إذا سمحتم لنا وهو: أي الألوان أحب إليكم؟
هذا سؤال خطير (يضحك) الحقيقة أن قضية الألوان قضية شائكة، فأنا لو قلت اللون الأزرق مثلاً أخشى أن يقال إننا في سوق المال (هلالية)، وقل مثل ذلك في بقية الألوان، لذلك من الصعب أن أحدد لوناً معيناً، فالعلاقة مع الألوان تتغير من يوم إلى يوم، وتختلف نظرة الشخص لها حسب سنه ونفسيته وثقافته والمكان الذي يوجد فيه.
بعد إنشاء سوق الأسهم صار هناك لون يفضله الجميع في كافة الأحوال وفي كل الفصول هو اللون الأخضر…وإن شاء الله تبقى دنيا الهيئة خضراء دائمًا…معالي الدكتور، أنت الآن تجلس على كرسي ساخن، فكيف قبلت هذا التحدي؟
هناك مسؤوليات وواجبات وطنية لا بد من مواجهتها، ولا بد أن تجد من يقوم بها مهما كانت التحديات التي تحيط بها؛ لأنه إذا تهرب الجميع من تحمل المسؤولية التي تنطوي على بعض الصعوبات، فإن كثيرًا من المهام التي نحتاجها في تقدم بلدنا واستقراره وازدهاره الاقتصادي سوف لن تجد من يقوم بها. وعلى كل حال فإن ثقة ولاة الأمر فيَّ وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين لم تترك لي مجالاً للتردد في قبول هذه المسؤولية؛ لأنها مع أنها مسؤولية وطنية فهي أيضًا تكليف من ولاة الأمور. وأعتقد أنه بعد هذين السببين لا يبقى هناك خيار.
ذكرت في لقاء مع صحيفة (الجزيرة) في شهر إبريل من العام الماضي أن (هيئة سوق المال كحكم المباراة لا تتدخل في مجريات السوق)، فهل ما زالت الهيئة تتعامل مع السوق من هذا المنطلق بعد كل ما مرت به السوق من اضطرابات؟ خصوصًا أن حكام المباريات يكون لهم دور في توجيه المباريات في بعض الأحيان.
نعم، الهيئة مثل ما قلت بالضبط، ودورها لا يتعدى الرقابة والتنظيم، وليست طرفًا في السوق بأي شكل من الأشكال، على العكس من المفهوم السائد عند كثير من الناس، ولا سيما الذين لهم ارتباطات بالسوق المالية. فهم يظنون أن الهيئات المنظِمة مثل هيئة سوق المال لها دور كبير في عملية رفع السوق وخفضها، فأقول لهؤلاء إن الدور الرئيس لهيئة سوق المال يكمن في تنظيم هذه السوق، والتأكد من سلامة التداول فيها، وضمان أن الأنظمة المتوافرة فيها كافية ومتطورة بما فيه الكفاية، وأنها تحمي المتداولين في السوق من الغش والتدليس وأي تلاعب آخر في السوق يمكن أن يؤثر في سلامة التداول فيها. فمهمتنا الأساسية هي مهمة تنظيمية للتأكد من سلامة ونزاهة التداول في السوق المالية، فنحن بذلك مثل حكم المباراة بالضبط، فقدرة الهيئة على التأثير في الأسعار محدودة جداً، وليس من حقها أن تتدخل للتأثير فيها، كما لا يحق لها التعليق على قضية الأسعار وارتفاعها وانخفاضها.
هناك نصيحة تنسب لأحد الخبراء الإنجليز، وهي أنه قال: (إذا أردتم أن تطوروا بلدكم لمدة خمسين سنة عليكم بالبترول، وإذا أردتم أن تطوروه لمدة مائة سنة فعليكم بالإنسان)، سؤالي هو: ماذا قدمت الهيئة للإنسان السعودي؟
الحقيقة أن مما زاد من سعادتي عندما جئت إلى الهيئة أنني وجدت بها أفضل الكفاءات المتوفرة بالمملكة العربية السعودية، ووجدت أنهم يؤدون عملهم بفاعلية كبيرة. ونحن في الهيئة لدينا القدرة والإمكانيات والرغبة في تطوير هذه الإمكانيات؛ لذلك فنحن نركز بشكل كبير على عملية التدريب والتعليم، ولدينا لجنة مختصة بالتدريب والابتعاث، كما أنه يوجد لدينا عدة برامج للابتعاث الخارجي. ونحن قبل أن نبتعث الموظفين ندخلهم في دورات تدريبية متواصلة؛ لرفع كفاءتهم ومستوى أدائهم، كما أن لدينا برنامجاً نفخر به، وهو البرنامج الذي نستقطب من خلاله أفضل الخريجين والخريجات بالجامعات السعودية في بعض التخصصات التي تركز عليها الهيئة. فهؤلاء الخريجون يتم اختيارهم وفق برنامج دقيق جداً، يعتمد معيار الكفاءة والقدرة ولا شيء آخر غير ذلك. وقد ابتعثنا حتى الآن عدداً من منسوبي الهيئة إلى بريطانيا لدراسة العلوم المالية واللغة الإنجليزية، ليلتحقوا بعد ذلك بالسوق المالية هناك للتدرب فيها لعدة أشهر، ونتمنى عند عودتهم من هذه البعثة أن يلتحقوا بالهيئة، مع أن المجال مفتوح لهم، والأمر خاضع لرغباتهم هم، فلديهم الخيار الكامل في الالتحاق بأي جهة يفضلونها سواء كانت الهيئة أو غيرها. وقد بلغ عدد مبتعثي الهيئة خلال العام الماضي نحو (30) شخصاً، ونستعد الآن لابتعاث دفعة أخرى سيكون عددها أكبر من ذلك، فنحن مستمرون في هذا البرنامج.
وتعمل الهيئة الآن على إنشاء أكاديمية متخصصة للعلوم المالية سيكون مقرها في مركز الملك عبد الله المالي، ولدينا برنامج مشترك مع مؤسسة النقد العربي السعودي لتطوير الأكاديمية لتضم كليات مختلفة في مجال العلوم المالية، لسد النقص في المتخصصين في هذا الجانب. مما يؤكد تركيز الهيئة على تطوير كوادرها خصوصًا، وسعيها إلى الإسهام في مجال التنمية البشرية. فتطوير العنصر البشري يعدّ جزءاً مهماً من عمل الهيئة.
أعتقد أن هناك معهدًا مصرفيًا ألا يقوم بهذا الدور؟
ما يقوم به المعهد المصرفي لا يكفي وحده، فالعملية تحتاج إلى تكاتف جهود جهات عديدة، والأكاديمية الجديدة سيتم إنشاؤها بالتعاون مع مؤسسة النقد السعودي والمعهد المصرفي.
توجد في جامعاتنا أقسام للعلوم المالية وأقسام للاقتصاد.. بصفتك أستاذاً  للاقتصاد، ما رأيك في مخرجات هذه الأقسام؟
بشكل عام يصعب التعميم على جميع الجامعات وعلى جميع الخريجين، فمستويات الخريجين تتفاوت حسب قدراتهم وما تلقوه من تعليم، فلا يستطيع الإنسان أن يصدر حكماً عاماً على الجامعات وعلى خريجيها، إلا أن ما يمكن أن أقوله في هذا الجانب هو أن الحاجة ما زالت كبيرة إلى رفع مستوى خريجي هذه الأقسام من ناحية اللغة ومن ناحية استخدام التقنية، ومن ناحية ربطهم بالمستجدات فيما يتعلق بالتخصصات التي يدرسونها في كلياتهم. وفي الوقت نفسه أعتقد أن الحاجة ما زالت قائمة إلى خريجي هذه الأقسام، ففي مرحلة من المراحل كانت هذه الأقسام تصنف ضمن الدراسات الأدبية، وهو تصنيف ليس صحيحًا، ربما انعكس على مستوى الاهتمام بها وعلى نوعية تأهيل خريجيها.
وعلى كل حال فإن هناك نقصًا كبيرًا في هذه التخصصات، وهناك حاجة قائمة وفعلية لهؤلاء الخريجين لمواكبة التطور الحاصل في الخدمات المالية، سواء في خدمات المؤسسات المالية الحديثة، أو خدمات البنوك أو خدمات التأمين، فنحن في حاجة إلى مؤسسات علمية جديدة لتطوير هؤلاء الخريجين. وأود هنا أن أشيد بتجربة جامعة الأمير سلطان في هذا المجال، فهي تجربة جيدة نعتز بها، وأنا هنا أتحدث بصفتي ولي أمر إحدى طالبات الجامعة.
هذا يقودنا إلى أن نتعرف على وجهة نظركم في التعليم الجامعي الأهلي، هل تمكن من سدّ الحاجة إلى الكفاءات الجيدة في سوق العمل السعودية أم أن الطريق ما زال طويلاً؟
التعليم الأهلي الجامعي ما زال في بداياته، وما زالت مؤسساته قليلة؛ حيث لم يتم فتح باب التعليم الأهلي الجامعي إلا في وقت قريب جداً، فهو في حاجة إلى مزيدٍ من الوقت للحكم عليه، وليكسب مزيدًا من الوقت والخبرة، ويستقطب مزيدًا من الكفاءات ليكون قادرًا على إنتاج مخرجات جيدة، وقادرًا على استقطاب الطلبة المتميزين. وأملنا كبير في أن يكون مستوى خريجي هذه الجامعات ممتازًا؛ لأنها بنيت وفق أنظمة حديثة، وترتبط بجامعات عالمية معروفة. والبلد في حاجة إلى خريجي الجامعات سواء الحكومية منها أو الأهلية أو الأجنبية.
معالي الدكتور عملتم أستاذاً بجامعة الملك سعود، كما عملتم بصندوق النقد الدولي، وتوليتم الأمانة العامة للمجلس الاقتصادي الأعلى قبل توليكم لمسؤولية هيئة سوق المال، فما الذي أضافته كل هذه الخبرات إلى عمل هيئة سوق المال …أم أن سوق المال عالم آخر؟
مما لا شك فيه أن عامل الخبرة يلعب دوراً أساسياً في أداء أي عمل وتطويره. وأنا دراستي وعملي كانا بشكل عام مرتبطين دائمًا بالاقتصاد، وقد اكتسبت خبرة كبيرة من خلال عملي أستاذاً بجامعة الملك سعود، على الرغم من أن الفترة التي قضيتها في هذا العمل كانت محدودة. كما أن عملي في مجلس التعاون الخليجي، وفي صندوق النقد الدولي لمدة تسع سنوات، وكذلك عملي في المجلس الاقتصادي الأعلى، كل هذه الخبرات الاقتصادية التي تراكمت لديّ، إضافة إلى التعلم المستمر، أضافت إليّ خبرة ستنعكس بلا شك على العمل، وسأفيد منها في عملي بالهيئة. فسوق المال ما زالت في بدايتها، وهي سوق حديثة جدًّا وتحديث أنظمتها وبناء أنظمة جديدة لها ما زالا مستمرين، والحاجة إليهما قائمة. فضلاً عن أن السوق ما زالت سوقًا حديثة وتحتاج إلى جهد وخبرات كبيرة جداً لبنائها وبناء أنظمتها.
كيف تدير موظفيك بالهيئة، وكيف تروض المساهمين والمتعاملين بها؛ بالجزرة أم بالعصا؟
(يضحك) أديرها بالحدس (common sense) الذي اكتسبته من الخبرة. وعمومًا فالهيئة تنظر إلى نفسها وإلى العاملين فيها على أنهم مجموعة تعمل لتحقيق هدف معين يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمصلحة الوطنية. والأساس لدينا في العمل هو التعاون وإحساس الآخرين بأنهم جزء من هذه المؤسسة، وأن لهم دوراً في بنائها وفي قراراتها، وأن هناك عملاً مشتركاً نقوم به جميعًا لصالح الوطن وليس عملاً فردياً.
أنا في الحقيقة قبل مجيئي إلى هنا سألت أحد طلابنا الذين يعملون لديكم عن أسلوب إدارتك للهيئة، فأخبرني بأنك تتبع سياسة (الباب المفتوح)…
أعتقد أن جزءاً من نجاح الإنسان في عمله يكمن في أن يكون بابه مفتوحاً، وعينه مفتوحة وأذنه مفتوحة أيضًا، بمعنى إنك إذا كنت مرتبطًا مع آخرين في عمل فلا بد أن تأخذ رأيهم فيه، بل عليك أن تغتنم كل فرصة لأخذ آرائهم فيما يتعلق بمختلف جوانب العمل. فمن الصعب عليك أن تحكم بشكل صائب على كل تفاصيل العمل في المؤسسة، وأن تتعامل معها بشكل صحيح من دون مشاركة الآخرين، ولكي تكون قادراً على التعاون الفعال مع الموجودين معك، ولكي تكون القرارات التي تتخذها سليمة، لا بد أن تشارك الآخرين رأيك، وأن تسمع منهم آراءهم.
القرار الذي يدور بخاطرك ولم يحن وقت اتخاذه بعد؟
(يضحك) والله إن جاء وقته اتخذناه دون حاجة إلى أن نتحدث عنه.
كيف تقيم علاقة المرأة السعودية بهيئة سوق المال؟ وهل لها مجال في السوق؟
أنا أعتقد أنه بما أن بعضًا من أعمال السوق وخدماتها مفتوح ومتاح للجنسين، فإن جزءاً كبيراً من المتعاملين في سوق الأسهم في الوقت الحاضر من النساء، كما أنني لاحظت أنهن يتميزن بالاهتمام بأخبار الهيئة وبمتابعة تفاصيل ما يصدر عنها من قرارات.
معالي الدكتور أنتم منفتحون على الإعلام، والجميع يشهدون بذلك، حيث نرى لكم تصريحات ولقاءات مستمرة مع الإعلام، ولكن من هو المتحدث الرسمي باسم الهيئة؟
المسألة بالنسبة لنا ليست مسألة ناطق رسمي أو متحدث باسم الهيئة، فالمهم من وجهة نظرنا هو هل تصل أخبار الهيئة إلى الناس؟ وهل يتم نشر جميع المقررات التي تتخذها الهيئة، وكيف يتم نشرها؟ وهل وصلت بشكل صحيح وواضح إلى الناس باعتبار أن عمل الهيئة مرتبط بمصلحة الناس؟ لذلك نحن على ارتباط متواصل مع الإعلاميين الذين يحللون هذه القرارات ويتحدثون عنها ويناقشونها.
نصائح توجهها للشباب السعودي؟
نحن لا ندعي أننا أعلم من الشباب بمصالحهم، فهم أدرى بها، كما لا نريد أن نكون سلطة فوقية عليهم، إلا أن نصيحتي لهم هي أن يضعوا الجدية والانضباط نصب أعينهم في جميع ما يقومون به من عمل، فهما مفتاح كل نجاح.
ما هي توقعاتكم لاقتصاد المملكة بعد عشر سنوات من الآن؟
أعتقد أن الاقتصاد السعودي يمر الآن بمرحلة ذهبية ولحظة تاريخية. لا أقول إننا نشهد طفرة ثانية، وإنما أقول إننا نشهد نموًا اقتصاديًا كبيرًا في الوقت الحاضر. ومما لا شك فيه أن الانعكاسات الإيجابية لهذه المرحلة وما يصحبها من انفتاح على الاستثمارات والتطورات في القطاعات الاقتصادية عمومًا ستكون كبيرة. ونطمح خلال السنوات المقبلة إلى أن تكتمل الأنظمة التي من شأنها أن توطن الاستثمار، وتفتح الباب لمزيد من النمو وتسهم في المزيد من تطوير الكفاءات البشرية؛ لأن  ارتفاع الإنتاجية ـ كما هو معلوم ـ يؤدي إلى ارتفاع مستوى المعيشة في كل بلد، وهذا هو الهدف الأساسي لأي نمو اقتصادي موجود في أي مكان.
أنا أهتم دائمًا بالجانب الاجتماعي في عمل أي مؤسسة، وأطرح هذا السؤال على مختلف المسؤولين ورجال الأعمال الذين ألتقيهم في هذه السلسلة من الحوارات… فما مدى استشعار هيئة السوق المالي لمسؤوليتها الاجتماعية؟ وهل للنشاط الاجتماعي مكان في أجندتها؟
الهيئة مثل أي مؤسسة حكومية أخرى عملها موجه لخدمة المجتمع، وهي معنية بالشأن العام للمجتمع. ومما لا شك فيه أن المسؤولية الاجتماعية مهمة، ونتمنى أن تعي جميع المؤسسات مسؤوليتها الاجتماعية، بل أعتقد أنه حتى الأفراد أيضًا في حاجة إلى مزيد من الوعي بمسؤوليتهم الاجتماعية أيضًا؛ أي فيما يتعلق بالعمل التطوعي، والأنشطة المكرسة لصالح المجتمع بمنظور غير منظور الربح والخسارة.
سمعنا الكثير عن مركز الملك عبد الله المالي، وتحدثتم عن الأكاديمية المالية، فمتى سيرى هذان المشروعان النور؟
مركز الملك عبد الله المالي مركز كبير جداً لذلك يحتاج إنشاؤه إلى بعض الوقت، وقد بدأت إجراءات العمل فيه؛ إذ انتهى المخطط الهيكلي للمشروع، وسيبدأ تطوير البنية الأساسية له قريباً، وقد أُسندت مهمة تطوير بنيته الأساسية لمصلحة معاشات التقاعد، باعتبارها الجهة المالكة للأرض والمطورة للمشروع. وسيكون لهيئة سوق المال مبنى هناك، سيكون من مباني المركز الرئيسة، ونحن الآن في مرحلة التصميم لهذا المبنى، وهناك تعاون وثيق جداً بين الهيئة ومصلحة معاشات التقاعد فيما يتعلق بتطوير منشآت الهيئة هناك، سواء مبنى هيئة سوق المال، أو مبنى شركة السوق المالية (تداول)، أو مبنى الأكاديمية المالية التي تسعى الهيئة إلى إنشائها.
هل هناك آليات معينة لإيصال شكاوى المساهمين إليكم؟ وكيف تطلعون على المشكلات التي يواجهونها في تعاملهم مع السوق؟
توفر الهيئة للمتعاملين كافة وسائل الاتصال الحديثة من تليفون وفاكس وإنترنت.
هل هناك إدارة معينة مختصة بهذا الأمر.
نعم لدينا إدارة مختصة بالمتابعة والتنفيذ، هي المسؤولة عن الشكاوى والاستفسارات التي تصل من المواطنين، وهي كثيرة ومتنوعة، خصوصًا فيما يتعلق بعلاقات المواطنين بالمؤسسات المالية. ونحن نتابع هذه الشكاوى بشكل مستمر مع المؤسسات المالية.
ما هو دور شركات الوساطة المالية؟ وهل قامت بدورها بالمستوى المطلوب؟
شركات الوساطة المالية هدفها الأساسي هو مساعدة الموطنين ودلالتهم على أسلوب الاستثمار الأمثل في السوق، إلا أن هناك أعداداً كبيرة من المتداولين الأفراد يعتمدون على أنفسهم في التداول بالسوق للأسف. فهذه المؤسسات من المفترض أن تكون هي الوسيط بين هؤلاء المستثمرين وبين السوق، خاصة فيما يتعلق بالقرارات الاستثمارية التي تحتاج إلى إجراء بحوث لضمان اتخاذ القرار الاستثماري المناسب، ونحن نعلق آمالاً كبيرة جداً على هذه المؤسسات، بما فيها المؤسسات التي أنشأتها البنوك لتطوير ما نسميه الاستثمار المؤسسي لسوق المال، للانتقال من الاستثمار الفردي إلى الاستثمار المؤسسي الذي نتمنى أن يتطور في المملكة، وأن يسود أكثر؛ لأن الاستثمار المؤسسي من شأنه أن يوجِد استقرارًا في السوق.

تم إجراء هذا اللقاء  في محرم 1429 الموافق يناير 2008 ونشر في جريدة طيف الجامعة العدد الخامس عشر عندما كنت رئيسا للتحرير

د. عبيد بن سعد العبدلي

مؤسس مزيج للاستشارات التسويقية والرئيس التنفيذي أستاذ جامعي سابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. مساء الخير د.عبيد

    في الحقيقة أجد ان معالي الدكتور عبدالرحمن التويجري رجل متمكن وعالم بما يقول ولم يهمل دور موظفيه في الهيئة ولكن لا اعلم لو اعيد هذا الحوار معه الآن هل سيكون نفس الشخص الذي قابلتموه قبل عام ونصف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق