ثقافه تسويقيه

نحو ثقافة تسويقية (13) حاجة السوق والتلاعب بحاجات المستهلكين

يعتبر علم التسويق أحد العلوم الحديثة النشأة إذا ما قورن بالعلوم الإدارية الأخرى كالاقتصاد والمحاسبة وبحوث العمليات وغيرها، حيث كان مبدأ الاهتمام بهذا العلم مع بدايات القرن العشرين الميلادي (1900م تقريباً). وكان من الطبيعي أن يبدأ على شكل أفكار مشوشة ومفاهيم غير واضحة المعالم، شأنه في ذلك شأن أي علم يبدأ ضعيفا ثم يتطور مع الوقت، وتتضح حدوده وخصائصه التي تميزه عن غيره من العلوم.

ولذا فقد كانت المفاهيم التسويقية في بداية الأمر متداخلة مع المفاهيم المتعلقة بالبيع والإعلان، إلا أنه مع تركيز معظم الشركات على زيادة الإنتاج وتطوير آلياته وتحسين الأداء استجابة لحاجة السوق؛ شعر المنتجون بالحاجة إلى وسائل تساعدهم في تصريف المنتجات المتراكمة، فبدأوا في سعيهم لتطوير أساليب البيع، فجربوا طرقاً كثيرة لذلك مثل الترويج وتخفيض الأسعار؛ إلا أنه ونظرا لشدة المنافسة وتطور آليات الإنتاج حدث مع ذلك كساد لم تفلح أساليب البيع المبتكرة (في ذلك الوقت) في التغلب عليه، وبدأت الشركات تغير فلسفتها المرتكزة على القاعدة (أنتج ما تستطيع إنتاجه، ومن ثم استخدم أنواع الضغط لبيع تلك المنتجات) إلى فلسفة أخرى تنطلق من قاعدة مختلفة هي (أنتج ما يريده المستهلك).

فبدأت الشركات بدراسة حاجات المستهلك والتعرف على رغباته، ومن ثم العمل على تحقيقها. فتحولت قاعدة الإنتاج إلى (أنتج فقط ما تثبت الدراسات أن المستهلك في حاجة إليه، ولديه الرغبة والقدرة على شرائه) وعلى هذه القاعدة قامت فلسفة علم التسويق الحديث.

ومن الصحيح أيضاً أن التسويق قدم للعالم منتجات جديدة ذات فائدة للمستهلك جعلته أكثر متعةً وراحة، وجعلت حياته أكثر سهولة؛ مما يجعل المسوق فخورا بنتائج عمله؛ إلا أنه وفي مقابل ذلك هناك ضعاف نفوس بين المسوقين يستغلون حاجات الناس، ويستخدمون تقنيات التسويق في التلاعب ببعض ضروريات المستهلك. لذلك يعتقد بعض الناس أن التسويق كان أساساً لبعض المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، فقامت تنظيمات شعبية تنادي بتصحيح الوضع وجعل التسويق يخدم الاقتصاد والمجتمع ككل وليس المنتجين فقط ومنها جمعيات حقوق المستهلك وهي ما تطرقت إليه في مقالي السابق وما يناشد به معظم المختصين في مجال التسويق في وطننا الغالي.

د. عبيد بن سعد العبدلي

مؤسس مزيج للاستشارات التسويقية والرئيس التنفيذي أستاذ جامعي سابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق