الهاتف

الهاتف والواقع السعودي

 يشير التقرير السنوي لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى أن خطوط الهاتف الثابت في المملكة العربية السعودية بلغت بنهاية عام 2006م أربعة ملايين خط، منها (3) ملايين خط منزلية بنسبة 75% بمعدل 16.5% خط هاتفي لكل 100 نسمة من سكان المملكة العربية السعودية، أي أن 70% من المساكن في المملكة بها هاتف ثابت أو أكثر. بينما بلغ نصيب الشركات ومؤسسات الأعمال 25% من الهاتف الثابت.

 أما الهاتف المتنقل فتبلغ نسبة انتشاره ـ وفق التقرير ـ 81% بمعنى أن هناك 19.6 مليون مشترك. أما الإنترنت فيبلغ عدد المستخدمين لها 4.7 مليون نسمة، بنسبة انتشار 19.6%. وفي هذه الأرقام دلالة واضحة على مدى ارتباطنا بالهاتف في حياتنا العامة والخاصة، إلا أن هذا الكتاب يركز على استخدامنا له في مجال الأعمال للإسهام في خلق بيئة أعمال سليمة بالمملكة لما لذلك من أهمية في الاستقرار الاقتصادي.

 خاصة أننا عندما نلقي نظرة فاحصة على السوق السعودي نجد أن هناك نقصًا واضحًا في ثقافة التعامل مع الهاتف، وهو أمر إن أمكن تفهمه أو السكوت عليه لدى الأفراد العاديين فإنه غير مقبول في موظفي الاختصاص بمؤسسات الأعمال. فكم مرة واجهنا كعملاء جفاءً من موظفي الشركات التي نتصل بها أو نتعامل معها؟ فضلاً عن نقص الخبرة والمعلومات الواضح لدى بعض موظفيها، مما يجعل اتصالاتنا بها غير ذات جدوى… هذا إذا كنا محظوظين ووجدنا من يرد على مكالماتنا.

 ومن مظاهر هذا النقص في ثقافة التعامل مع الهاتف في السوق السعودية:

  • عدم الرد في أحيان كثيرة على اتصالات العملاء الهاتفية.
  • عدم استقبالهم بالترحيب اللازم من مستقبلي مكالماتهم في المؤسسات.
  • عدم إعطائهم المعلومات الصحيحة، ربما لعدم توفرها لدى الموظف، أو نتيجة عدم اهتمامه بها.
  • إبقاؤهم في وضع  الانتظار مدة طويلة.
  • وربما يسوء الوضع إلى درجة إغلاق سماعة الهاتف في وجوههم.

 واقع المؤسسات امتداد لواقع اجتماعي

نحن ـ كمجتمع سعودي ـ لدينا ثقافة التطلع إلى امتلاك وتجريب كل جديد، لكن هذه الثقافة غير مصحوبة بالتطلع إلى الاستفادة القصوى من هذا الجديد، والحرص على الأسلوب الأمثل والمنهجي لهذه الاستفادة. ولو أخذنا الهاتف المحمول مثالاً على هذا الأمر سنجد أن الخلل في التعامل معه يبدأ منذ لحظة شرائه، حيث إن أغلبنا يشتري أجهزة هاتف محمول بمواصفات عالية، ولكننا في الاستخدام نقتصر على الأساسيات دون إفادة من جميع المواصفات المتاحة في الأجهزة. والسؤال هنا هو: لماذا لا نشتري ما نحتاجه دون إضافة أعباء مالية على ميزانياتنا بلا مردودية؟

كما أن من العادات المنتشرة لدينا أن الكل يتحدث أمام الناس في كل مكان، وفي كل شيء، بدءًا من أدق أسرار البيوت إلى أتفه المواضيع وأقلها أهمية، وإن شئت التأكد من ذلك فراقب الركاب ـ مثلاً ـ عند هبوط الطائرة فستجد أن الناس يتسابقون إلى فتح هواتفهم النقالة، وكأن الدنيا تعطلت منذ لحظة إغلاقها، ثم استرق السمع وستجد أن لا مبرر إطلاقًا لهذه العجلة، لأن المواضيع التي سيتحدثون فيها ليست ذات أهمية، أو على الأقل يمكن تأجيلها إلى وقت أفضل ومكان أكثر خصوصية.

 ولعل من أسباب هذا الخلل في ثقافتنا أن استخدام الهاتف لا يزال حديثًا لدينا مقارنة بالأمم المتقدمة التي اخترعته واستخدمته منذ وقت مبكر. فأنا شخصيا  ـ  كان تعاملي الفعلي مع الهاتف  عندما بلغ عمري ١٨ عامًا، وخرجت ـ بهدف الدراسة الجامعية ـ من قريتي التي لم يكن بها هاتف مطلقًا.

 ثم انتشر الهاتف خلال السنوات القليلة الماضية في كل قرية ومدينة، قبل أن تجيء ثورة المحمول التي صيرت أجهزة الاتصال عنصرًا أساسيًا في حياتنا وأنشطتنا اليومية حتى البسيطة منها.

 (مقالة من أرشيفي)

 

 

 

 

 

 

 

 

الوسوم

د. عبيد بن سعد العبدلي

مؤسس مزيج للاستشارات التسويقية والرئيس التنفيذي أستاذ جامعي سابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق