علاقات عامةمقالات صحفية تسويقية

الصحافة الجامعية

من خلال عملي تشرفت برئاسة تحرير جريدتي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن العربية (الجامعة) والإنجليزية (Future وعند إنتقالي لجامعة الأمير سلطان شاركت في إنشاء جريدة طيف الجامعة ورأست تحريرها وخلال عملي الحالي لجامعة حائل شاركت في إنشاء جريدة الجامعة ورأست تحريرها وهي تجربة ثرية من خلالها تعلمت أن أكون حذرا في نقل الخبر وصياغته وأكتسبت معرفة ردة فعل المسؤل عن شكل صورته. كان للأستاذ مصطفى الأنصاري الإعلامي في جريدة الحياة دور مهم لمعرفة تجربتي وتم نشرها في جريدة الحياة السعودية وأنا هنا ناقل لمادار بيننا.

الصحافة الجامعية يقال إنه مكتوب عليها أن تكون مزيجًا من الصور والمدائح الذاتية فكيف وجدتها أنت؟
الحقيقة أن هذا هو الواقع في أغلب الصحافة الجامعية للأسف نتيجة الفهم السائد لدور الصحافة الجامعية، وهو أن مهمتها تنحصر في أن تكون مجرد مرآة عاكسة للنشاط الرسمي اليومي للمسؤولين في المؤسسات التي تصدر عنها. وبما أن مدير الجامعة ـ مثلاً ـ هو الشخصية الرئيسة والمسيطرة في هذا القطاع مما يجعله حاضرًا في أغلب أنشطة الجامعة التي تستحق التغطية، فمن افتتاح مؤتمرات وورش إلى تدشين معامل واستقبال وفود إلى غيرها من المناسبات والفعاليات التي يكون وجود مدير الجامعة هو القاسم المشترك بينها مما يجعل اسمه وربما صورته تتكرر في أغلب الأخبار ذات العلاقة بنشاط الجامعة. إلا أن هذه الصورة النمطية للصحافة الجامعية في طريقها إلى التغيير من وجهة نظري، فهناك وعي متزايد بضرورة أن تكون الصحافة الجامعية مكملة لرسالة الجامعة التنويرية تجاه المجتمع، مما يجعل محتواها يتغير تبعًا لذلك.
ومن واقع تجربتي الشخصية فإن مدير الجامعة التي كنت أشرف على صحيفتها كان يضيق ذرعًا من تكرار صوره في المطبوعة ويستهجن مقالات التمجيد.

هل يمكن للصحافة الجامعية أن تكون مقروءة…وكيف؟

نعم،ولم لا؟ لكن بشرط أن تفرض نفسها على القارئ بأن تنقل همومه وتستجيب لحاجاته وتلامس واقعه واهتماماته فيجدها المسؤول وسيلة لربطه بنطاق مسؤوليته، تحمل له ردود الفعل على قراراته بأمانة تامة، كما يجد فيها الطالب متنفسًا للتعبير عن آرائه وناقلاً أمينا لهمومه…إلخ أما إن كانت مجرد استجابة لغرور المسؤول في الإطراء وتمجيد ذاته، فأعتقد أن مسارها سيكون من المطبعة إلى سلة المهملات.

لدينا في السعودية نموذجان فقط لمطبوعتين تتبعان جهة غير صحافية وقدمتا عملاً إعلاميًا لاقى رضا القراء هما المعرفة والقافلة، فهل يمكن أن يتكرر هذان النموذجان؟

ليس هناك مانع من أن تتكرر التجربة فالنجاح متاح لكل من أخذ بأسبابه، وأعتقد أن من أهم أسبابه أن تحافظ المطبوعة على مستوًى معقول من المصداقية فيما تنشره، وأن تكون ذات محتوى مناسب للشريحة التي تتوجه إليها. وأعتقد أن الجامعات هي أقدر المؤسسات غير الصحفية على إنشاء وإدارة مطبوعات ذات محتوًى متميز نتيجة كونها تملك الإمكانات المادية والبشرية التي تمكنها من ذلك.
ترأست صحيفتين جامعيتين فما هو معيار نجاح المطبوعة الجامعية؟ هل هو إرضاء شهوات رئيس الهرم في الظهور؟ أم ماذا؟ (كان هذا اللقاء عام ٢٠٠٧ م وبعد رأست تحرير جريدة الجامعة التابعة لجامعة حائل)
في رأيي أن معيار نجاح المطبوعات الجامعية هو أن تنقل صورة صادقة عما يدور داخل أسوار الجامعة إلى المجتمع الأوسع بنظرة شاملة تؤمن بالدور الإيجابي للإعلام وتحترم المتلقي وأن تدعم رسالة الجامعة تجاه المجتمع في نشر التنوير والثقافة الحقيقية، كما أن من أهم معايير نجاحها أن تكون ميدانًا لتفاعل المجتمع الجامعي فيما بينه من إدارة وهيئة تدريس وطلاب.أما أن تتحول إلى تمجيد أشخاص بعينهم وأيقنة صورهم فهذا قد يكون ضمانة لاستمرار المطبوعة ـ بقرار إداري طبعًا ـ ما دام ذلك المسؤول على رأس العمل، لكنه سيبقى هو القارئ الوحيد لها.
ما هي أبرز الطرائف التي مرت بك في هذا السبيل؟
1.    حساسية بعض المسؤولين تجاه ما ينشر عن أقسامهم والتمسك الشديد من قبل بعض الأكاديميين بشكليات لا قيمة لها، خصوصًا ما يتعلق بالألقاب العلمية وتراتبية الأسماء فتجد أن فلانًا البروفيسور ـ مثلا ـ يقيم الدنيا ولا يقعدها إذا قدمت عليه اسم من هو أقل منه درجة، أو لم تكتب الألف والدال قبل اسمه…وهكذا تحصل مواقف طريفة وأحيانًا محرجة حول هذا.
2.    ومن الطرائف التي كنت أنا أصنعها بيدي أنني كنت أحتفظ بصور متعددة للمسؤولين فإذا غضبت من أحدهم اخترت من بين صوره الصورة التي أعتقد أنها تزعجه أو يمكن أن تخلق له بعض المشاكل كأن تكون بدون صبغة مما يؤثر على استتباب أوضاعه داخل المنزل، وإذا رضيت عنه كان العكس فأكافئه بنشر أجمل صوره. وقد كشفت هذا السر من باب التحذير للمسؤولين ليعلموا كم يملك الإعلاميون من أدوات انتقام ناعمة يمكنها أن تتسلط على كل من لم يعجبهم أو يراع مشاعرهم.

3.    ومن الطرائف أنه في أحد الأعداد ظهرت صورة الرجل الأول في الجامعة (37) مرة، فارتاع الرجل وصب جام غضبه على هيئة التحرير التي ضرته من حيث أرادت نفعه. ولا ذنب لها إلا أن سعادته لم يترك مجالاً لغيره فكان يتصدر كل الأنشطة بغض النظر عن مدى أهميتها.

درست في الجامعات الغربية، ما وجه المقارنة بين صحفها الجامعية وبين صحفنا؟
الإجابة باختصار: أن الفرق بينهما هو كالفرق بين صحفنا وصحفهم.
كم مرة قال لك مسؤول في الجامعة إن صورته أصغر من اللازم؟
حصل ذلك في مرات كثيرة، وأشير هنا إلى أن أفضل وسيلة لتجنب اعتراض من هذا النوع هو أن تحتفظ الصحيفة بصورة معتمدة من المسؤول نفسه تكون هي المخصصة للنشر إلا في حالة غضب هيئة التحرير على المسؤول وحكمها عليه بالعقوبة كما ذكرت سابقًا.
قال رئيس تحرير مجلة تجارة الرياض إن علاقته مع رجال الأعمال تحسنت بعد رئاسته لها، فهل العلاقات تباع بثمن الظهور في المطبوعات الإعلامية؟
أعتقد أن ضعف المسؤولين ووجوه المجتمع أمام وسائل الإعلام واهتمامهم بالصورة التي يكونها عنهم في أذهان الجمهور تجعل الإعلامي في موقف قوة تجاههم، فتجدهم يخطبون وده ويتنافسون على ربط العلاقة به حتى يضمنوا إظهاره لهم بصورة إيجابية، كما أن الإعلامي يستطيع إرضاءهم وكسب ودهم ـ إن شاء ـ بقليل من متابعة أخبارهم ونشرها.

الوسوم

د. عبيد بن سعد العبدلي

مؤسس مزيج للاستشارات التسويقية والرئيس التنفيذي أستاذ جامعي سابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق