العناية بالعملاء

الخدمة المميزة مطلب للشركات التي تبحث عن البقاء

ما يحتاج إليه العملاء في كل وقت وزمان هو الخدمة المتميزة، فأنت عندما تذهب شركه عقاريه او إلى فندق أو إلى مطعم لتناول وجبة الغداء، أو عندما تأخذ سيارتك إلى ورشة لإصلاحها، أو تحتاج إلى خدمة البريد، أو تقرر السفر على خطوط الطيران فإنك تبحث عن الخدمة. فالعناية والخدمة هما الحد الجامع المانع لما يبحث عنه العملاء كافة.
لهذا السبب شرعت في كتابة هذا الموضوع الذي أعتقد أن الشركات السعودية في حاجة إليه، والذي أسعى من خلاله إلى أن أؤكد أن حاجة العملاء متغيرة، فيجب أن تكون قواعد خدمتهم متغيرة، كما يجب ألا تتوقف عند حد، لذلك يجب علينا أن نوليها ما يناسبها من أهمية. خصوصًا أن بعض الشركات لا تهتم بخدمة العميل إلا عندما تمر بأزمة تتوسل منه إخراجها منها، أو عندما تجد نفسها مضطرة إلى البحث الجاد عن عملاء جدد بعد أن انفض عنها عملاؤها، ولكنها في الأوقات العادية تفتقد الرغبة في تقديم خدمات جيدة، مما يشكل خطورة بالغة على أعمالها ووجودها في السوق.
فالخدمة المميزة من واجب الشركات في جميع الأوقات، وليست سلوكًا طارئًا لتجاوز مشكلة عارضة. هذا إضافة إلى بيان أن خدمة العميل يجب أن تكون من الواجبات البدهية لكل مقدم سلعة أو خدمة ؛ لأن العميل أو المستهلك هو في الحقيقة من يدفع راتب رئيس الشركة، ورواتب موظفيه آخر الشهر، وهو من يغذي رصيد المساهمين وملاك المنشأة في البداية والنهاية. ثم إذا لم تكن عندنا هذه النظرة العملية إلى الأشياء ـ كما هي عند أمم أخرى ـ فمن واجبنا أن ننظر إلى خدمة العميل من زاوية قيمنا الإسلامية وشيمنا وتقاليدنا العربية ؛ إذ  إن العميل ـ على الأقل ـ صاحب حاجة وضيف محتاج إلى خدمتك أو منتجك (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) [جزء من حديث رواه البخاري ومسلم].
وانطلاقًا من هذه القاعدة (وهي أن خدمة العميل حق واجب على المنتِج والمسوق سواء نظرنا إلى الموضوع من الزاوية العملية أو نظرنا إليه من الزاوية القيَمية)

ومع اشتداد المنافسة في السوق السعودية ، فإن إرضاء العميل بالخدمة الجيدة والعناية الخاصة أصبح مطلبًا مهمًا للمحافظة على العملاء الحاليين وجذب عملاء جدد. ويجب على أي شركة تريد البقاء في جو المنافسة أن تقدم ما لا تستطيع الشركات الأخرى تقديمه، ولن يتأتى لها ذلك إلا عن طريق تقديم خدمات مبتكرة وعناية خاصة بالعملاء. ولتعلم أن الشركات الأخرى لن تقف متفرجة ، بل سوف تحاول تقديم ما لديها من عناية مستحقة للعميل، مما يزيد من أهمية التطوير وبذل الجهد في إرضاء العميل بكل وسيلة ممكنة.
وللأحوال الاقتصادية التي يواجهها كثير من دول العالم ، فإن القوة الشرائية للمستهلك أصبحت أضعف من ذي قبل ، مما يجعل كثيرًا من العملاء يفكر كثيرًا قبل أن يتخذ قرار الشراء.
وقد توصلت إحصائية عالمية نشرت أخيراً إلى جملة من الحقائق في هذا المجال من بينها:
•    أن معدلات الفقر قد زادت في تسيعنيات القرن الماضي، وأن 30% من سكان العالم يعيشون على خط الفقر، مما يترتب عليه قلة العملاء ذوي القدرة الشرائية المرتفعة.
•    ازدياد عدد الأشخاص القادرين على العمل، الذين لا تتوافر لهم أعمال. وهذا بدوره يحد من عدد العملاء.
•    ازدياد شراسة المنافسة التي تواجهها الماركات المحلية من الماركات العالمية.
كل هذه الأسباب تدعو إلى أن تهتم الشركات بالحفاظ على عملائها الحاليين ، لأن محاولة جذب عميل جديد قد تكلف الشركة  أضعاف ما تكلفها المحافظة على عميل قديم.
وهناك سبب آخر أهم من كل ما سبق، وهو أن العميل أصبح أكثر وعيًا وثقافة ، مما يقتضي أن يعامل معاملة خاصة.
وأقول:
إن السوق السعودية سوق بكر واعدة، تتمتع بخاصية قد لا تتوافر في أغلب الأسواق، وهي أن غالبية الشعب السعودي (نحو 60%) هم من فئة الشباب. لذا كان الاستثمار في محاولة كسب ولائهم استثمارًا مهمًا؛ لأنهم عملاء طويلو المدى. وأستطيع أن أؤكد أن العميل السعودي قنوع يرضى بأقل مستوى من الخدمة، وإن كانت بعض عاداته تتغير نتيجة المنافسة، فأصبح أكثر حرصًا على نوعية السلعة، وأكثر تدقيقًا في اختيار الشركة، كما أنه صار أكثر توقًا إلى معرفة ما له وما عليه.. أو بمعنى آخر إنه أصبح أكثر وعيًا من ذي قبل، وإن لم يصل إلى درجة وعي المستهلك الأوروبي أو الأمريكي.
والعميل السعودي قد يكون أكثر ولاءً من غيره، وقد يجعله الأسلوب الجيد والاحترام عميلاً دائمًا؛ إذ إن السوق السعودية سوق محافظة، يتميز أهلها بالترابط، وهذا شيء له حسناته وله سيئاته بالنسبة إلى الشركات العاملة فيها، فمن حسناته أنه قد يوفر للشركة سمعة جيدة بأقل التكاليف الإعلانية إذا كانت تقدم خدمة ممتازة؛ لأن الناس سوف يتحدثون عنها في مجالسهم الخاصة ومع أصدقائهم، والعكس صحيح أيضًا. فعندما تكون خدمات الشركة متدنية فإنهم سوف يشيعون ذلك عنها أيضًا.
ونتيجة لذلك بدأت بعض الشركات في التحول إلى فلسفة العملاء مدى الحياة؛ لأن الدراسات أثبتت أنه كلما زادت علاقة العميل بالشركة كان عميلاً مربحًا.
ولنفترض ـ على سبيل المثال ـ أن هناك عميلاً يبلغ من العمر (20) عامًا، وسيشتري عصيرًا قيمته (3) ريالات يوميًا، وهناك خمس شركات تقدم هذا العصير، ولكن إحدى هذه الشركات استطاعت أن تكسب هذا العميل الذي يتوقع أن يعيش إلى عمر (65) عامًا، فمعنى هذا أن قيمة ما ستكسبه هذه الشركة من هذا العميل عن طريق علبة عصير واحدة تساوي ( 3 ريالات × 365يوماً × 45 سنة = 53275 ريالاً ) . فضلاً عن أن ولاءه لهذه العلبة قد يقوده إلى ولاء شامل لمنتجات الشركة ، مما يضاعف المكاسب العائدة منه على الشركة.

(نشرت هذه المقالة في مجلة أصول )

د. عبيد بن سعد العبدلي

مؤسس مزيج للاستشارات التسويقية والرئيس التنفيذي أستاذ جامعي سابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ملحوظة بالنسبة لحساب الربح من العميل الواحد!

    مثل هذا العميل ذي الولاء لأحد المنتجات سيوفر كمية أكبر لإستخدامه الخاص و كذلك لتقديمة لضيوفه بالإضافة الى امتداحه شخصيا لهذا النوع من المنتجات وهو ما يمثل ربحية للشركة غير مكلفة من ناحية الترويج الاعلاني والذي عادة ما تكون مصداقيته أكثر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق