قدوةمقالات صحفية تسويقيةنجاحات تسويقية

لقاء مع الشيخ محمد بن عبدالعزيز الجميح

 ضمن سلسلة اللقاءات التي تجريها (طيف الجامعة) مع الشخصيات الهامة لإتاحة فرصة الاستفادة من تجربتهم والاطلاع على آرائهم في بعض القضايا التي تهم المجتمع لقرائها، يسرها أن يكون لقاء هذا الشهر مع سعادة الشيخ محمد عبد العزيز الجميح الذي يعتبر أحد رجال الجيل الأول المؤسس للتنمية في المملكة العربية السعودية، وكان شريكاً في بناء مجموعة الجميح التي تعتبر من المجموعات الرائدة ذات النشاط المتنوع بين التجارة والصناعة والعمل الخيري وغير ذلك.

وقد استقبلنا الشيخ محمد في مكتبه بالترحاب رغم سنه ومشاغله ومواعيده التي لا تنتهي، وبالكاد أفلتنا من إلحاحه على أن نتناول العشاء معه في منزله، ولم نخرج من مكتبه إلى بوعد موثق بإجابة الدعوة في فرصة أخرى قريبة. لكننا خرجنا من عنده بغذاء عقلي وزاد معرفي يتمثل في تجربته في الكفاح والإصرار على الجمع بين العمل والدراسة وصولاً إلى بناء إمبراطورية اقتصادية تعتبر من مفاخر المملكة العربية السعودية، وهي تجربة كفيلة بإنارة الطريق أمام الشباب الطامحين إلى النجاح والدخول بقوة إلى أبواب المستقبل.. فإلى المقابلة.ِ

أجرى الحوار: رئيس التحرير

 عبيد سعد العبدلي

في البداية نود منكم أن تحدثونا عن بداياتكم، وكيف أوصلتم مجموعة الجميح إلى ما وصلت إليه الآن؟

كانت بدايتي مع الوالد والعم في الخمسينات الهجرية بالأحساء، حيث كنت أجمع بين العمل مع الوالد والدراسة؛ لأنه في ذلك الوقت لم يتم بعد إنشاء مدارس في نجد. وقد درست إلى ما يعادل المستوى الثانوي تقريبًا. واشتغلت مع الوالد والعم في التجارة بين الأحساء والرياض ومكة المكرمة، وبعد ذلك عدنا إلى شقراء من أجل الاهتمام بتجارة كانت لنا هناك والعمل على تطويرها. حيث كان الجد والوالد يعملان بالتجارة بين شقراء والجبيل والأحساء ومكة أيضًا، وكنت أنا من يتولى الحسابات.

في أي شيء كنتم تتاجرون في ذلك الوقت؟

كانت تجارة شاملة، فقد كنا نتاجر في الأقمشة والمواد الغذائية مثل السكر، وكنا نتنقل بتجارتنا بين الأحساء والجبيل ومكة مرورًا بالرياض والقصيم.

ارتبطت مجموعة الجميح ببعض أنواع السيارات، فكيف كانت بدايتكم مع هذا القطاع؟

عندما انتقلنا في الخمسينات الميلادية إلى الرياض، بدأنا في تنويع تجارتنا، فعملنا في مجالات مختلفة مثل الصرافة وتجارة العملات حيث كنا نعمل بالشراكة مع بعض التجار بالكويت والبحرين ومكة فيرسلون لنا بعض أغراض الحجاج لنرسلها ونبيعها في الكويت، وكانت تأتينا سبائك ذهب من الكويت فنرسلها ونبيعها في مكة حيث نضع الثمن المتحصل من الفضة في تنك ونرسله لهم. وقد كانت المراسلات تتم عبر السيارات التي تأتي من الكويت أو من الأحساء ومكة والبحرين.

فتطورت علاقتنا بالسيارات، ثم مع تطور نشاطنا التجاري وتنوعه أضفنا تجارة السيارات إلى أنشطة المجموعة التجارية.

لعائلة الجميح ولشركات الجميح نشاط بارز وباع طويل في العمل الخيري، فهل لكم أن تحدثونا عن هذا الجانب من أنشطتكم؟

الاهتمام بهذا الجانب ليس جديدًا على العائلة والحمد لله، وإنما بدأ معها منذ أن بدأت نشاطها في شقراء قبل أن تنتقل أنشطتنا إلى الرياض. وقد كان من مشاريعها الأولى في هذا المجال، ومن الأعمال التي نعتز بها كثيرًا مشروع المياه في شقراء. فقد كان الماء في شقراء شحيحًا جدًا، حيث كانوا يجلبونه بالقرب من بعيد على ظهور الحمير. ففكرنا في إيجاد حل لهذه المشكلة، وقررنا حفر بئر إرتوازية ومد شبكة توزيع لإيصال المياه إلى بيوت القرية فقمنا بهذا العمل واستعنا بالأمير فهد الفيصل أمين الرياض في ذلك الوقت من أجل الحصول على المساعدة الفنية، وحتى يتم تنفيذ المشروع تحت إشراف خبراء فما قصر رحمه الله. فصارت شقراء بحمد الله بعد هذا المشروع يضرب بها المثل في المنطقة في وفرة الماء. وإلى حد الساعة ما زالت هذه البئر قائمة.

توجد لديكم كذلك أعمال خيرية خارج المملكة، ما حجم هذه الأعمال؟ وما طبيعها؟

لدينا مكتب خيري يقوم بأعمال خيرية في مناطق عديدة من العالم والحمد لله، حيث توجد لنا أنشطة في إفريقيا وأمريكا والشرق الأوسط، فنرسل مندوبين إلى هناك في إطار بناء المساجد والإفطارات الرمضانية ودعوة غير المسلمين وغير ذلك من أوجه العمل الخيري، ويمكنكم الرجوع إلى المكتب للحصول على معلومات أوفى عن هذا الجانب.

نحن نعلم أن لديكم جائزة الجميح للتفوق العلمي، وأذكر أنها أقامت حفلاً في الفترة الأخيرة بحضور سماحة مفتي المملكة، فما فكرة هذه الجائزة؟ وما هي أهدافها؟ وهل هي مختصة بعائلة الجميح أم ماذا؟

هي جائزة تهدف إلى تشجيع المتفوقين علميًا والحافظين للقرآن أيضًا من منطقة الوشم كلها، وليست خاصة بعائلة الجميح.

كنتم من أوائل المتبرعين لتأسيس جامعة الأمير سلطان، حيث شاركتم في هذا الجهد المتميز بتبرع سخي قدره خمسة ملايين ريال، فما رأيكم في مستوى الجامعة؟ وهل حققت هدفها في تقديم تعليم جامعي متميز؟

جامعة الأمير سلطان بحمد الله حازت سمعة طيبة ولاقت قبولاً من الناس، كما أنها ساعدت كثيرًا في تخفيف الضغط عن الجامعات الحكومية، وأتاحت خيارًا لمن يرغب في نمط جديد من التعليم. فهي من المشاريع التي نعتز بالإسهام فيها.

ما هو تقويمكم لخريجي الجامعة ومدى تقبل سوق العمل لهم، خاصة أن الجامعة تسعى إلى أن تكون مخرجاتها مواكبة لمتطلبات السوق؟

الحقيقة أنه لحد الآن لم يتقدم لنا أحد من خريجي الجامعة للعمل لدينا، وبالتالي لا نستطيع أن نقومهم ونحكم عليهم، وهو ما سنتلافاه بكتابة خطاب رسمي ـ بإذن الله ـ إلى إدارة الجامعة لتوجيه بعض الخريجين للعمل لدينا وبعد ذلك سيكون لكل حادث حديث.

باعتباركم من الداعمين لبرنامج الأمير سلمان للمنح التعليمية بجامعة الأمير سلطان، فما رأيكم في أنشطة المركز؟

هذا أمر واجب، فلا بد لمن أعطاه الله أن يدعم المحتاجين سواء كانت حاجتهم إلى التعليم أو غيره من الحاجات الأخرى، ولا شك أن دعم التعليم من الأعمال النبيلة التي يجب على الجميع دعمها؛ لأنها إسهام في تنمية البلد ومساعدة للمحتاجين في نفس الوقت.

من خلال تجربتكم ما هو تقويمكم للجيل الحاضر من الشباب السعودي في ميدان العمل؟

تجربتنا مع الشباب السعودي ـ ككل جوانب الحياة ـ فيها نجاح وفيها فشل. وعلى وجه العموم مستوى النجاح لأي شاب سواء كان سعوديًا أو غيره يتوقف على مستواه المعرفي ومدى طموحه وقوة حماسه للعمل. فمن تسلح بالعلم وكان لديه الطموح والنشاط اللازمان فسيحقق النجاح وسيفيد نفسه وأهله وبلده، ومن فقد هذه الشروط فسيتعثر لا محالة. وأملنا في الشباب السعودي أن يكونوا إن شاء الله على مستوى الآمال المعقودة عليهم، والمسؤولية الملقاة على عاتقهم في النهوض ببلدهم ومجتمعهم.

لا شك أن لديكم في شركات الجميح موظفين سعوديين كثرًا، فما الذي ينقص الموظف السعودي من وجهة نظركم؟

هناك موظفون سعوديون ممتازون والحمد لله، يمكننا أن نقول إنه لا ينقصهم شيء من متطلبات الإنجاز والتميز في العمل. ووجدنا أيضًا أن هناك البعض الذين هم ليسوا على المستوى المأمول، فتجد بعضهم لا يستقر في العمل، ولا ينجزون بالمستوى المطلوب، فيتسلمون العمل فترة ثم ينتقلون إلى مكان آخر، مما يؤثر على سمعتهم عند أرباب العمل، ولكن وضعية الموظف السعودي إجمالاً تعتبر جيدة.

عندما يتقدم إليكم شاب سعودي يطلب العمل، فما هي الأسس التي تقوِّمونه على أساسها؟ هل هي الشهادة؟ أو الخبرة؟ أو التزامه بالعمل؟ أم ماذا؟

لا شك أن في المقدمة عندنا هو التزام الشاب بمتطلبات العمل وتحمله للمسؤولية، والخبرة والشهادة أيضًا ميزات مهمة للمنافسة في سوق العمل.

وهل لديكم نظام لتدريب الشباب الذين يعملون معكم أو الذين يتقدمون للعمل لديكم؟

بلا شك، فنحن ندربهم ونوجههم ليستطيعوا الوفاء بمتطلبات العمل.

لعلكم أكبر وكيل لشركة جنرال موتورز في الشرق الأوسط فهل لكم أن تحدثونا عن علاقتكم بهذه الشركة؟

نعم، خمسون في المائة من مبيعات الشركة في المنطقة تتم عن طريقنا.

ما هو تقويمكم لوضع الأعمال الآن، خاصة في ظل الأوضاع التي تعيشها سوق الأسهم؟

والله السوق مفتوحة ولكل عامل نصيب، والسوق الآن كما هو ملاحظ في تحسن خاصة مع تحسن أسعار البترول وزيادة عائدات النشاط الاقتصادي للمملكة.

بصفتكم من رواد التنمية في المملكة، ومن أرباب العمل ما رأيكم في برنامج الابتعاث الذي تنفذه وزارة التعليم العالي؟

لا شك أنه برنامج مهم، وأن الشباب يجب أن يتسلحوا بالعلم حيثما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، سواء كان في الداخل أو الخارج من أجل أن يعودوا وهم أقدر على خدمة بلادهم، خاصة أننا ما زلنا بعيدين عن الاكتفاء في هذا المجال، والدولة ما قصرت في إتاحة سبل التعلم، حيث فتحت الباب على مصراعيه لمن يريد أن يكتسب العلم النافع من أي مكان، وهذا أمر يشكر لها جزاها الله خيرًا، والدور الآن على الشباب لاغتنام هذه الفرصة والاستفادة منها بالشكل الأمثل. ولا شك أن المنافسة الآن هي في التعليم، فكلما كانت حصيلة الإنسان العلمية أكبر، كان أقدر على المنافسة.

كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن الجامعات السعودية ومستواها الأكاديمي، فما رأيكم في عدد جامعاتنا القائمة الآن ومستواها؟ وهل ترون أنها في حاجة إلى التطوير أم أن فيها الكفاية؟

من وجهة نظري أنها ما زالت تحتاج إلى دعم وتطوير ولم تحقق الكفاية المطلوبة بعد في مجال التعليم من حيث الكم والكيف، وإن كانت قامت في السابق وما زالت تقوم بدور مهم.

لو جاءك شاب سعودي في بداية حياته يطلب النصيحة فما نصيحتك له؟

سأنصحه بالتركيز على اكتساب العلم، والعمل بجد ونشاط للحصول على أعلى الشهادات؛ لأنه بعد ذلك سيجد كل المجالات مفتوحة أمامه، سواء كانت مجالات التجارة أو مجالات الوظائف.

ونصيحتك لرجال الأعمال المبتدئين أو الصغار؟

أنصحهم بالمثابرة والجد وتحديد أهدافهم والثبات عليها. فقد يلاقي الإنسان صعوبات لكن عليه أن يثبت، وأن يواصل ويجرب حظه، ويثق بأنه كما نجح غيره فإن فرص النجاح متاحة أيضًا أمامه. ونتمنى للجميع النجاح إن شاء الله.

كلمة تودون توجيهها للشباب السعودي عمومًا ولخريجي الجامعات خصوصًا؟

أنصحهم بالجد والمثابرة والاهتمام والمواصلة على طريق النجاح الطويلة، وأعيد التأكيد على التسلح بالعلم، فكلما اكتسب الإنسان علمًا أكثر كانت المجالات أمامه أوسع.

باسمي شخصيًا وباسم منسوبي (طيف الجامعة) نشكر لكم استقبالكم لنا وموافقتكم على إجراء هذه المقابلة وإتاحة وقتكم الثمين للقراء لكي يطلعوا على تجربتكم الغنية في عالم الأعمال.

شكرًا لكم.

تمت المقابلة في نوفمبر 2007

د. عبيد بن سعد العبدلي

مؤسس مزيج للاستشارات التسويقية والرئيس التنفيذي أستاذ جامعي سابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق