تطوير الذاتثقافه تسويقيهقدوة

لقاء مع الدكتور بدر بن حمود البدر

هو شاب سعودي تسلم أعلى قمم القيادة في تقنية المعلومات بجده واجتهاده وطموحه، دمث الخلق متواضع يسحرك بنظرته وبسمته وحديثه.

كان ضمن أول فريق أخذ على عاتقه إدخال الإنترنت للمملكة، وأسس شركات من الصفر في مجال تقنية المعلومات والاتصالات قبل أن يلمع اسمه عالميًا فيتولى قيادة أعمال إحدى أكبر الشركات العالمية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات هي شركة سيسكو (CISCO) في المملكة العربية السعودية .

إنه الدكتور بدر بن حمود البدر الذي خص صحيفة طيف الجامعة بهذا اللقاء الذي يعرض فيه أمام الشباب وقراء الصحيفة جوانب كثيرة من خبراته وتجاربه وأفكاره لتكون منارات يهتدون بها في مستقبلهم العلمي والمهني في عالم أصبح يعج بالمنافسة ويتطور بسرعة البرق.

 فإلى المقابلة:

عندما بحثنا في سيرتكم الذاتية وجدنا مسيرة حافلة، فقد كانت لكم إسهامات في إدخال الإنترنت إلى المملكة من خلال مدينة الملك عبد العزيز، وشاركتم في تأسيس شركات مثل الشركة العالمية للإنترنت والاتصالات،وإدارة شركة أول نت وشاركتم كذلك في تأسيس الشركة الرقمية المطورة، وأنتم الآن المدير العام لشركة سيسكو في المملكة العربية السعودية، ما الذي أضافه لكم كل هذا؟

من خلال التجارب السابقة التي ذكرتها إلى أن وصلت إلى هنا تنوعت أعمالي ـ بفضل الله ـ من العمل بالقطاع الحكومي إلى بدء شركات من الصفر إلى الدخول في مجال الاستشارات، ومن ثم إلى العمل في الشركات العالمية مثل سيسكو (CISCO). ولا شك أن مثل هذا التنوع أثرى خبرتي، وأضاف إليها قدرًا كبيرًا من التنوع. ففي المجال الحكومي ـ مثلاً ـ كان من الشيق لي ومما أعتز به أنني عملت في مشروع مهم، هو إدخال وتشغيل الإنترنت بالمملكة العربية السعودية.

فعند التحاقي بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في عام 1995م لم يكن هناك أي ارتباط لأي جهة بالمملكة بالإنترنت بخلاف جهة واحدة فقط تستخدم الإنترنت لأغراض عملية بحثية بحتة.

فقمت أنا وبعض الزملاء (أذكر منهم الدكتور عبد العزيز الزومان والدكتور عبد الله الموسى) بجهود داخلية لإقناع المسؤولين داخل مدينة الملك عبد العزيز بأهمية الإنترنت عالميًا والآثار الإيجابية التي ستنعكس على المملكة من إدخالها. فكان بعد ذلك أن قمنا بصحبة مسؤولي المدينة بزيارة بعض المسؤولين في الدولة لإقناعهم بالفكرة، وأذكر أن من بين اللقاءات التي عقدناها في هذا الإطار لقاء مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (الذي كان وقتها ولي العهد) وقدمنا أمامه عرضا مصورًا عن الإنترنت ومزاياها. وأثمر ذلك قرار مجلس الوزراء بإدخال الإنترنت إلى المملكة، وجعل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية هي الجهة المنظمة لها، وبالتالي عملنا في تنظيم هذا القطاع لفترة إلى أن انطلقت الخدمة. ثم بعد ذلك سنحت لي الفرصة في أن أدخل القطاع الخاص فأسست الشركة العالمية للإنترنت والاتصالات مع مستثمرين آخرين بدأناها معًا من الصفر، واستمرت مسيرتنا في مجال الإنترنت إلى أن تم الاندماج بين أكبر ثلاث شركات أنترنت وقتها، وتمخضت عن شركة أول نت التي أصبحت في ذلك الوقت أكبر مزود لخدمة الإنترنت بالمملكة العربية السعودية. بعدها أردت أن أحصل على مزيد من الخبرة فعملت في مجال الاتصالات الأوسع، فقمت من خلال الشركة الرقمية المتطورة بالتقدم للحصول على بعض التراخيص لتأسيس بعض خدمات الاتصالات، ومن ضمنها التأسيس لخدمة الهاتف الجوال وتأسيس خدمة البيانات وفزنا برخصة البيانات.

وصادف أن كانت سيسكو في تلك الفترة تبحث عن مدير لأعمالها في المملكة العربية السعودية منذ ستة أشهر فوجدت أنها فرصة لإضافة خبرات أخرى في شركة عالمية فوافقت على تسلم المسؤولية، وكانت ـ حتى الآن ـ تجربة موفقة بحمد الله.

الدكتور بدر، أنت شاب سعودي وكنت وراء كل هذه الإنجازات، والآن تدير شركة سيسكو العالمية فما هي رسالتك لمن يشكك في قدرات الشباب السعودي على الإنجاز ويقول إنه لا يمكن أن يعتمد عليهم؟

النقطة الأولى أنه من خلال عملي في كل هذه القطاعات وجدت عددًا لا يستهان به من السعوديين يمكن أن يحطموا هذه الفرضية وهي فرضية أن السعوديين كسالى، وفي نفس الوقت وجدت عددًا آخر من السعوديين يمكن أن ينطبق عليهم وصف الكسل وانعدام الطموح. ووجهة نظري بناءً على ذلك هي أن الشاب السعودي كأي شخص من أي جنسية أخرى إذا توفرت له الفرصة والحافز والاستعداد الداخلي والخبرة والإمكانيات يمكنه أن يبدع، ولكن يجب توفر هذه الأركان الثلاثة التي يبقى الحديث بعدها عن صقل الخبرات وتطوير الإمكانات.

أنت خريج جامعة البترول ثم درست في أمريكا، فما الذي ينقص السعودية والجامعات السعودية والخريجين السعوديين بالمقارنة مع ما عشته في أمريكا؟

في رأيي أن أكثر شيء يميز الخريجين في أمريكا عن الخريجين في السعودية هو فرصة الحصول على التدريب والتجربة العملية أثناء الدراسة الجامعية.

فكثير من المهارات التي يحتاجها الطالب في مجال العمل عندهم يكتسبها أثناء دراسته الجامعية، بينما لا تعطي جامعاتنا المحلية القدر الكافي من التدريب على هذه المهارات.

قد يكون خريجنا لديه نفس المستوى من التحصيل العلمي الذي يحصل عليه خريج أمريكا ـ مثلاً ـ ولكن ليست لديه المهارات العملية اللازمة، مثل مهارات العمل ضمن فريق، والقدرة على التواصل مع الآخرين، والقدرة على الإلقاء والكتابة. وتجد لدى خريجينا نقصًا كبيرًا كذلك في مهارات الإنصات للآخرين، وتبادل الآراء معهم، أو ما يسمى بالإنجليزية (Debating) الذي هو عبارة عن تبادل الآراء وتلاقحها للوصول من بينها في النهاية إلى رأي أفضل منها جميعًا، أي من جميع الآراء التي طرحت أثناء التداول.

…وعدم التعود على الصوت والرأي الواحد؟

نعم عدم التفرد بالرأي واتخاذ القرار

لو كلفت بإدارة جامعة بالمملكة العربية السعودية، فماذا سيكون أول قراراتك ياترى؟

أول خطوة سأقوم بها هي أن أنظر إلى أكبر فجوة يجب أن تملأ من حيث المهارات والتخصصات المطلوبة لسوق العمل ولبنية تحتية اقتصادية متطورة، فأحاول أن أسهم في ردمها. وبناء على خبرتي في المجال الذي أعمل فيه، فإنني أرى أن التدريب في مجال الشبكات وتقنية المعلومات بحاجة إلى عدد كبير من الخريجين فقد أركز في هذا المجال، ومن ثم أنتقل للتركيز على بناء الشخصية لدرجة أنني يمكن أن أسمي جامعتي هذه جامعة بناء الشخصية، بحيث يكون بناء الشخصية هو الهدف الأكبر والأسمى لهذه الجامعة. واكتساب المعلومات والخبرات سيأتي تبعًا لذلك كتحصيل حاصل.

لدينا الآن تعليم عال أهلي إضافة إلى الجامعات الحكومية التي زادت على العشرين الآن، فهل ترى أن وجود كل هذه المؤسسات يمكن أن يسهم في سد هذه الفجوة التي أشرت إليها، أم أننا سنبقى في ركب أسلوب العمل الحكومي وما يصحبه ـ عادة ـ من بيروقراطية وبطء في الاستجابة للتحديات؟

هناك جامعات خاصة في المملكة حصلت على سمعة تضاهي الجامعات الحكومية، ومن بينها جامعة الأمير سلطان التي تبوأت مكانة مرموقة خلال تسع سنوات من عمرها ـ ولا أقول هذا مجاملة. وهناك أيضًا جامعات أخرى مثل كليتي دار الحكمة وعفت كلها اكتسبت سمعة ومكانة مقارنة بالجامعات الحكومية.

….نحن لا نريد المقارنة بالجامعات الحكومية، فنحن نريد أن نقارن أنفسنا بالجامعات الأفضل في العالم، فهل تتوقع أن جامعاتنا يمكن أن تصل إلى درجة تضاهي بها الجامعات العالمية وتنافسها؟

حسب تقويمي الحالي لا أجد أن من بين جامعات المملكة الحكومية والأهلية جامعة وصلت إلى مستوى الجامعات العالمية المشهورة، ولكن هل ذلك ممكن؟ في رأيي أنه يمكن بالتأكيد إذا توفرت الإرادة والطموح والقدرة والتصميم. وأعرف أن هناك خطة لبناء جامعة جديدة بالمملكة هدفها هو ما قلته بالتحديد، وهو أن تنافس الجامعات العالمية، وهو هدف يمكن أن يتحقق بالتأكيد.

سعادة الدكتور يقولون إن استخدام التقنية في السعودية يحبو حبوًا فمتى سنقف على أرجلنا ونمشي؟

أنا أختلف مع جانب من هذا التقييم وأتفق معه في جانب آخر. فسوق التقنية بالمملكة العربية السعودية يتسارع بشكل كبير وهو من أسرع أسواق التقنية نموًا في العالم.

وفي نفس الوقت فإن التطبيقات أو النتائج النهائية لهذا التسارع لم نرها بعد، وأتوقع أن نلمس أثرها قريبًا جدًا، ونرى تحولاً كبيرًا في المجتمع بحيث يتحول المجتمع السعودي إلى مجتمع معلوماتي. وسنرى خدمات كثيرة وجديدة: خدمات اتصالات تزيد من سرعة الاتصال في المنزل وسرعة الإنترنت. فالفجوة الحقيقة كبيرة، ولكن ما يثلج الصدر هو أنني أعرف أن هناك جهودًا كبيرة لردمها وسنجني نتائج ذلك قريبًا.

الدكتور قرأت في بعض الصحف أن العجوز السويدية لديها في منزلها من وسائل التقنية أكثر مما لدى بعض الجهات الحكومية في السعودية. فما تعليقك على ذلك؟

هذه العجوز بالنسبة لي ليست أي عجوز وإنما هي أم أحد كبار المهندسين في سيسكو (يضحك) فلديها في منزلها جهاز هو أسرع جهاز توجيه في السوق. ولكن مثل هذا في النهاية يؤخذ كمثال وليس كظاهرة. فلا نركز على المثال بحد ذاته، بل ينبغي أن نتوسع أكثر. فمثلاً في كوريا واليابان وبعض المناطق في أوروبا سرعة الاتصال التي تصل إلى كل منزل تعادل ربع السرعة في المملكة العربية السعودية كلها. ومعنى ذلك أن هذا التطور موجود ويجب أن ننظر إليه كفرصة يمكن أن تستثمرها شركات الاتصالات لدينا، فتقدم خدمات أسرع وأكبر. أنا أعرف معرفة تامة أن شركات الاتصالات بالمملكة لديها خططها الطموحة لتوصيل الألياف البصرية (Fiber Optic) إلى المنازل مما سيعطي تقريبًا سعة لا محدودة للمنازل. فأتوقع خلال خمس سنوات ـ بإذن الله ـ أن تصبح هذه السرعات العالية الموجودة في الدول الأخرى متاحة لك في منزلك بالمملكة العربية السعودية.

لماذا هي غير متاحة الآن ما دامت موجودة ومستخدمة في العالم؟ خاصة أننا في المملكة لا تنقصنا الإمكانات المادية.

لأننا بدأنا متأخرين، ومثل هذه المشاريع الكبرى يحتاج تنفيذها إلى وقت. وقد بدأ تنفيذها الآن ـ بحمد الله ـ فلم تعد مجرد خطط، وستكون فترة الانتظار الآن هي الفترة اللازمة للتنفيذ فقط، وهي تتراوح من بين سنتين إلى ثلاث سنوات.

الحكومة الإلكترونية عنوان كبير وجذاب فهل يمكن أن يختصر في مجرد أن تفتح موقع الدائرة المعنية وتملأ النموذج الموجود عليه، ثم تطبعه وتذهب به مقر الدائرة؟

مرت الحكومة الإلكترونية بعدة مراحل:

المرحلة الأولى: أن يكون للدائرة مجرد موقع على الإنترنت يعرف بها. وكانت نسختنا المحلية من هذه المرحلة عبارة (تقريبًا) عن قائمة بإنجازات المنشأة وصور رئيس المصلحة واستقبالاته.

المرحلة الثانية: كانت مرحلة وضع النماذج الإدارية على الموقع. وهذه المرحلة قد تجاوزها العالم في منتصف التسعينات.

المرحلة الثالثة: كانت إمكانية تقديم الطلبات عبر النماذج الإلكترونية الموجودة على الموقع. وهذه المرحلة تجاوزها العالم خلال السنوات القليلة الماضية.

المرحلة الرابعة (الحالية): هي المرحلة التي يمكن أن تسمى مرحلة التفاعل (Inter-action) بحيث تكون أنت كشخص جزءًا من العملية، وبحيث تصلك الخدمة الحكومية وأنت في منزلك حتى بدون أن تطلبها، فتكون الخدمة الحكومية معك وتحيط بك من كل جانب سواء من خلال الإنترنت أو الهاتف الثابت أو الجوال. وهذا المستوى وصلت إليها بعض الدول في العالم فعلاً، وهو ما نطمح نحن أن نصل إليه في المستقبل.

في المملكة العربية السعودية ما زالت بعض الجهات تقبع في المرحلة الثانية، وإن كانت هناك جهات أخرى وصلت إلى مراحل أكثر تقدمًا. وأعرف أن لدى وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات طموحًا إلى الوصول إلى أبعد المستويات في هذا الجانب. فالخطط موجودة والواقع الحالي متأخر بعض الشيء، ولكن نأمل أن يكون الوصول إلى المرحلة الرابعة من الحكومة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية قريبًا جدًا.

وأنت تنظر من نافذة مكتبك هذا؛ ما هو حلمك لسوق المعلومات السعودي بعد عشر سنوات؟ وهل تتوقع أن تشهد تغيرات ذات بال أم أن الوضع سيبقى يراوح مكانه؟

حلمي بعد عشر سنوات هو أن تكون المملكة من أوائل الدول المنافسة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، وأن تكون مصنفة ضمن العشر الأوائل في هذا المجال، سواء من حيث توافر الاتصال بجميع أنواعه، عن طريق الجوال أو الهاتف أو الإنترنت أو غيرها. أو من حيث الانتشار والسرعة والجودة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أتمنى أن أرى السعودية دولة جاذبة للاستثمار في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، وأن تكون هناك فرص أكثر لأصحاب الأفكار والمواهب والمبتكرين بحيث يتهيأ لهم جو إبداعي يستطيعون من خلاله الدخول في مشاريع تدر عليهم أرباحًا، وينعكس ذلك في تطور أكثر لتقنية الاتصالات والمعلومات بالمملكة.

هل تتوقع أننا ما زلنا الآن في حاجة إلى أقسام الكومبيوتر بالجامعات، خاصة وأن طلابنا الآن يمكن أن يقال إنهم يتنفسون الكومبيوتر، وتجد من بينهم مبدعين في هذا المجال وهم ما زالوا في المرحلة الثانوية؟

معرفة الكومبيوتر فرض عين، هذا بشكل عام. وهناك جانبان لهذه المعرفة: أحدهما هو معرفة استخدام الحاسب، وهذا أمر ضروري لكل إنسان لأنه لن يستطيع أن يكون فعالاً، بل ولا جزءًا من المجتمع أو مؤثرًا في الاقتصاد أو غيره من أنشطة المجتمع ما لم يتوفر له هذا المستوى من المعرفة الأولية بالحاسب والتي هي مطلوبة من الجميع. أما الجانب الآخر فهو المعرفة المتعمقة التي نحتاج إليها لابتكار برامج جديدة، وتطوير مشاريع ونماذج عمل جديدة، كما يحتاج إليها في صياغة الأدوات اللازمة لإنشاء البنى التحتية لأنشطة القطاعات المختلفة.

فهناك جانب معرفي عام يجب أن يعرفه الجميع، وهنا ك جانب متخصص يكفي أن يعرفه البعض.

وهذا الجانب المتخصص يشهد الآن تناميًا كبير في الطلب عليه. ففي الولايات المتحدة التي تقلص فيها الطلب على مهندسي الحاسب الآلي والشبكات في فترة من الفترات فإن الطلب على هذه الفئة بدأ يتصاعد من جديد. وهناك الآن دول في العالم سلعتها التصديرية الأولى هي التخصص والمتخصصون في مجال الوسائط والمعلومات (مثل الهند وباكستان…وغيرها)

ما هي الدول العربية التي تتوقعون لها أكثر من غيرها أن تدخل عالم تصدير المعرفة والاختصاص والمختصين في هذا المجال؟

أكثر دولتين لديهما هذه القابلية في العالم العربي هما مصر ـ أولاً ـ ثم الأردن ـ ثانيًا. فلدى هاتين الدولتين جامعات وبرامج تعليم وتدريب جيدة ولديهما الكم السكاني الذي يمكن أن ينتج فئة من المختصين في هذا المجال.

الدكتور بدر هل لك أن تعرفنا على طبيعة البرنامجين التعليميين اللذين تنفذهما شركة سيسكو، وهما برنامج (CISCO Network Academic Program ) وبرنامج (CISCO NetVersity)الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع جامعة الأمير سلطان؟ ولماذا جامعة الأمير سلطان بالذات؟

هذان البرنامجان يختلفان اختلافًا كبيرًا، سواء من حيث المستوى أو الفئة المستهدفة أو من حيث المنتج النهائي لكل منهما، أو مستوى التأهيل الذي يحصل عليه الدارس في كل منهما.  فبرنامج سيسكو للشبكات (CISCO Network Academic Program ) بدأ بالمملكة العربية السعودية منذ عام 2000م وهو يقدم باللغة الإنجليزية والعربية، ويستهدف خريجي المرحلة الثانوية وخريجي الدبلوم بشكل رئيس. ويمكن أيضًا أن يستفيد منه خريجو الجامعات الذين هم ما زالوا في أول حياتهم العملية. فهو يهدف إلى تخريج فنيي ومركبي ومشغلي شبكات، وهو برنامج مهني إلى حد كبير.

أما برنامج (CISCO NetVersity) فهو برنامج متخصص يهدف إلى تخريج متخصصين بل يمكن أن نقول مستشارين (Consultants) في مجال الشبكات. ومعايير القبول في هذا البرنامج أعلى بكثير من البرنامج الآخر، ففي برنامج (CISCO NetVersity) نأخذ فقط أوائل الجامعات السعودية والخليج الذين يخضعون لمعايير دقيقة. وهو يستهدف تخريج مهندسي شبكات على درجة عالية من التأهيل بالإضافة إلى مستشارين ومديري مبيعات. والدارس في هذا البرنامج يضمن بمجرد قبوله في البرنامج وظيفة سواء في شركتنا أو في الشركات التي نتعامل معها بكثرة ونرتبط معها بعلاقات وثيقة. والوظيفة تكون إما مدير مبيعات أو مهندس شبكات. أما خريجو برنامج (CISCO Network Academic Program ) فيخرج فنيي شبكات، وليس هناك مانع من أن يلتحق الخريج منه فيما بعد ببرنامج (CISCO NetVersity) إذا طور قدراته وأصبح لديه التأهيل اللازم. وكلا البرنامجين مطلوبان في المملكة العربية السعودية، فالأول منهما نحتاج إلى خريجيه بالآلاف سنويًا ليتولوا تشغيل الشبكات وتركيبها. بينما نحتاج في البرنامج الثاني إلى تخريج العشرات ـ وقد نقول المئات ـ من المؤهلين تأهيلاً كبيرًا الذين يمكنهم تطوير العمل في هذا المجال. وهما متكاملان في النهاية حيث إن أحدهما يبني قاعدة الهرم والآخر يبني قمة الهرم.

كم عدد الطلاب الذين التحقوا ببرنامج الـ(NetVersity

الدفعة الحالية هي حوالي (40) طالبًا.

والمستهدف في المستقبل؟

لن يكون هدفنا الآلاف، وإنما أعتقد أن العدد المستهدف في الوقت الحالي سيكون ما بين (40) إلى (200) كل سنة، وذلك لأن البرنامج يستقطب فقط أفضل الخريجين، فلا يمكن التوسع فيه بالتالي.

ما هي المميزات التي يجنيها المتخرج من هذا البرنامج؟

من وقت دخول الطالب في هذا البرنامج يعامل كأنه موظف، ويعطى مكافأة تدريبية. ويلتحق بتدريب مكثف يستمر طوال اليوم، ابتداءً من الساعة التاسعة صباحًا إلى السادسة مساءً. وهو تدريب يركز على جوانب متعددة، من ضمنها بناء الشخصية، واكتساب سلوكيات ومهارات تحتاج إليها بيئة العمل، إضافة إلى بعض المهارات التقنية بالإضافة إلى مهارات البيع والتعامل مع الآخرين.

يكثر الجدل حول الدور الاجتماعي للشركات (وخاصة الكبرى منها) في البيئات التي تعمل فيها، فهل من دور اجتماعي لشركة سيسكو بصفتها شركة عالمية؟

شركة سيسكو من الشركات العالمية التي حصلت على جوائز عديدة في مجال الخدمة الاجتماعية. ومشاريعها الاجتماعية معروفة على مستوى العالم. ومن ضمنها برنامج (CISCO Network Academic Program ) الذي تحدثنا عنه. هذا البرنامج يتم تنفيذه في أكثر من (100) دولة في العالم، ومن ضمنها المملكة العربية السعودية. وبرنامج (CISCO NetVersity) أيضًا من برامج الشركة التي يمكن أن تصنف ضمن الخدمات الاجتماعية للشركة، حيث نهدف من خلال هذا البرنامج إلى أن نقدم نموذجًا للتعليم الجديد الذي نحتاج إليه في المملكة العربية السعودية، وليس فقط الحصول على خريجين مناسبين للعمل لدينا أو لدى شركائنا.

وأنا آمل أن يشكل الـ( NetVersity) ثورة في مجال التعليم. فالجميع يشكو من عدم ملاءمة مخرجات التعليم لمتطلبات سوق العمل. و( NetVersity) هو الحل الأمثل الذي تقترحه وتقدمه سيسكو للمواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل.

وإذا نجح هذا البرنامج ـ وأنا على يقين من أنه سينجح بإذن الله ـ سنكرر هذه التجربة وننقلها إلى جامعات أخرى ـ طبعًا باختلاف في معايير الاختيار ومعايير التدريس، ولكن سنستفيد منها استفادة كبيرة تسمح لنا بالتوسع في نقل التجربة إلى الجامعات الأخرى، وبالتالي يمكن أن نستفيد منها استفادة أكبر في تحسين وتطوير التعليم الجامعي وتقليل نسبة البطالة في المملكة.

هل يمكن أن نقول إن برنامج (NetVersity) هو الأول من نوعه في المنطقة والعالم؟

نعم، لا شك أنه الأول من نوعه على مستوى العالم، ونحن نفتخر بأن هذا البرنامج كان حلمًا تحقق في المملكة العربية السعودية، فقد تم تطويره في المملكة، وطبق فيها في أولى خطواته على طريق الانتشار العالمي. وهناك عدة دول الآن تخطط سيسكو لإطلاق البرنامج فيها ابتداء من السنة القادمة.

لو دخل عليك شاب سعودي تخرج لتوه من الثانوية العامة في مكتبك وطلب منك النصيحة حول مستقبله، فبماذا تنصحه؟

سأتحدث معه في عدة جوانب: الجانب الأول يتعلق بالتأكد من طموحه ورغباته الشخصية، ومدى وضوح الرؤية حول ماذا يريد أن يفعل. وما هي المهارات والبراعات المتوفرة لديه؟ فهذا الجانب مهم جدًا. والجانب الآخر هو: أن أنطلق في نصحه من حاجة سوق العمل المتوقعة خلال أربع أو خمس سنوات، ولا يكون منطلقنا من الحاجة الحالية. فالملاءمة بين ما يحبه الطالب، وما يمكن أن يجد فيه وظيفة عمل أمر في غاية الأهمية. ولو ألقينا نظرة على المجالات المتاحة حاليًا سنجد أن مجال تقنية المعلومات ـ إن توفرت الرغبة لدى الطالب في دراستها ـ من المجالات التي ستشهد طلبًا كبيرًا بإذن الله، حتى بعد مرور سنوات عديدة. وبصفة عامة مجالات التقنية عمومًا مطلوبة.

كذلك مجالات الأعمال سيزداد الطلب عليها في السنوات القادمة، سواء تعلق الأمر بالعلوم المالية أو المحاسبة أو التسويق، فكلها تخصصات مطلوبة. فتخصصات الأعمال وتخصصات تقنية المعلومات من التخصصات المهمة. فقط ينبغي أن يتأكد الطالب من رغباته وقدراته ومما هو متاح أمامه. وكان ذلك جيدًا من جامعة الأمير سلطان أنها ركزت على هذين المجالين.

كمدير لشركة عالمية، ما هي نصيحتك لطالب الجامعة وللخريج حديث التخرج؟

نصيحتي لطالب الجامعة ألا يركز على الراتب عند اختيار الوظيفة التي سيبدأ بها حياته العملية، خاصة في أول وثاني موقع يتولاه لأن السنوات الخمس الأولى من حيات الشاب العملية هي محدد نجاحه الوظيفي المستقبلي. فأقول لهذا الشاب: ركز أكثر على الموقع الذي يضيف علميًا وعمليًا لسيرتك الذاتية (resume ) حتى ولو اضطررت أن تعمل مجانًا. وقد تكون هذه الفكرة لا زالت غريبة على مجتمعنا ولكنها فكرة صحيحة. فمكان العمل أهم من الراتب إذا كان يضيف لك ويكسبك الخبرة التي ستضاعف راتبك مرات عديدة في المستقبل. ويمكن أن نورد مثالاً على ذلك: فمهندسو الشبكات الذين يحملون شهادة اسمها CCIE (CISCO Certified Internet Expert) مع خبرة يصل معدل مرتباتهم في السوق المحلي إلى مرتب وزير.

ما الذي يحتاجه الإنسان للحصول على هذه الشهادة؟

المدة التي تتطلبها الحصول على هذه الشهادة هو حوالي أربع إلى خمس سنوات من الجد والاجتهاد والتركيز. ويمكن الحصول عليها ـ ربما ـ في أقل من ذلك.

فالوظائف ليست كلها بنفس القيمة ولا المستوى نفسه من التأثير ومستقبل الموظف ونجاحه العملي على المدى الطويل هو الأهم.

وقد شهدت الأمور تغيرًا واختلفت كثيرًا عما كان في السابق، فلم تعد الوظيفة الحكومية هي منتهى أمل ومنى كل شخص. وإن كانت الوظائف الحكومية مهمة وذات تأثير حاسم في الاقتصاد وتطوره ولكنها ليست هي المكان الوحيد. فالحكومة في النهاية لديها سعة محدودة للتوظيف. وهذا يتجلى الآن في طرق الشباب السعودي الآن بكثرة إلى مجال جديد لم يكن متقبلاً في المجتمع السعودي بشكل كبير سابقًا مع أنه مجال كبير للعمل، هذا المجال هو مجال المبيعات، فقد كان المجتمع السعودي إلى عهد قريب ينظر بدونية إلى هذا النشاط. وكان الخيار محسومًا في المجتمع بين المهندس ـ مثلاً ـ والبائع لو جاء كل منهما يطلب ابنتك للزواج ولكن الأمر اختلف الآن.

بالمناسبة ليس في المجتمع السعودي فقط، فقد قرأت في إحدى الصحف نتيجة الإجابة على سؤال وجه إلى الجمهور في أمريكا هو: هل تزوج ابنتك لرجل مبيعات؟ فكانت إجابة الأكثرية: لا.

(يضحك) نعم، هذا موجود، ولكن الآن الطلب كبير جدًا على وظائف المبيعات، ويتجاوز دخلها في كثير من الأحيان دخل بعض كبار المهندسين. وهي مجال كبير للتطور. وإذا نظرت إلى المناصب القيادية في الشركات فإن الذين يتقلدونها غالبًا ما يكونون أشخاصًا تسنموا مواقعهم من نافذة المبيعات، وليس الرجال القادمون من الأقسام التقنية. والجانب التقني مهم جدًا لكن البيع مجال مهم أيضًا. فينبغي أن نعيد الاعتبار لهذه المهنة التي تحتاج إليها السوق السعودية بشكل كبير جدًا. وأنا شخصيًا أفتخر بأنني بائع في نهاية المطاف.

هذا يسعدني أنا شخصيًا كأستاذ تسويق… ومن خلال معرفتي فإن كل إنسان في أي موقع (حكومي أو خاص) هو في النهاية بائع لسلعة، لخدمة، لفكرة…الخ

هذا صحيح.

نقدر لك يا سعادة الدكتور ما خصصته من وقتك لصحيفة طيف الجامعة، وشكرًا لك.

شكرًا جزيلاً على إتاحة هذه الفرصة.

رابط المقابلة

الوسوم

د. عبيد بن سعد العبدلي

مؤسس مزيج للاستشارات التسويقية والرئيس التنفيذي أستاذ جامعي سابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. (الدكتور بدر بن حمود البدر)

    من الشخصيات التي نفاخر بها (كسعوديين)

    و مثل هذه الحوارات معهم ستشكل لنا دافع قوي للمستقبل ( كمبتعثين) وطموح وهمه عالية لإنجاز وتحقيق المستحيل.

    (الله يعطيك العافية يا دكتور عبيد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق