أفكار

بنك الطعام

نعرف في علم التسويق إن للفرد إحتياجات مهمة للطعام والشراب والهواء بدونها لايمكن  للإنسان أن يعيش وعليه يجب على المجتمع أو الشركة العمل سويا لإشباع تلك الإحتياجات. وهذه الحاجيات متوفرة لدى معظم الناس ولكن هناك فئة من الناس لاتحصل على طعام كافي يسد جوعهم. قديما قالوا الجوع كافر، فالجائع قد يعمل عملا لايكون مناسبا مع طبيعة المجتمع.. نعرف جميعا إن هناك فائض من الطعام نتيجة سلوكنا وعاداتنا ومورثنا عبر القرون. نطبخ أكثر مما نأكل ونعرف في نفس الوقت إن هناك فقراء يتمنون لقمة الطعام لتسد جوعهم وجوع أبنائهم. رائت بأم عيني رجل كبير السن بالقرب من برميل القمامة يبحث عن بقايا طعام أو فاكهة ليسد بها جوعه أو جوع عياله. هناك مظاهر إيجابية لدى المجتمع أعرف العديد من الزملاء يأخذون بقايا أكلهم عند تناول وجباتهم في المطاعم ويعطونها عمال محطات البنزين أو عمال النظافة في الشوارع ولكن أشاهد عند الطلب من مطاعم الكبسة طلب بعض العملاء من مقدم الخدمة زيادة كمية الأرز ونعرف جميعا مصير هذه الزيادة. نعرف إن هناك عوائل في حاجة للطعام سواء في الحي الذي نسكنه أو في أحياء بعيدة ولكن متأكد إن هناك الكثير مما لانعرف  وفكرت ماهي الطريقة التي نستطيع من خلالها معرفة هولاء المحتاجين وإيصال الطعام لهم. هناك جهود من خلال جمعيات البر بهدف إيصال الطعام للمحتاجين ولكن تبقى جهود فردية يشوبها لكثير من الأخطاء المهنية. فالطعام يصل المحتاج بارد وبطريقة فيها إنقاص للشخص المتلقي.

ولقد سعدت كثيرا بموافقة سمو الأمير سلمان على إنشاء بنك الطعام في الرياض. وبنك الطعام فكرته جميلة هو عمل مؤسسي من خلاله يحارب الجوع بطريقة علمية ويهدف على القضاء على الجوع من خلال برامج تأهيل متناسبة وحاجيات الفقراء وهناك جهود لإنشاء بنوك للطعام في مدن ومناطق المملكة ومنها مبادرة رجال الأعمل في المنطقة الشرقية. وبحسب دراسة أجريت على الأسر بالمنطقة الشرقية وجد إن ٤٥٪ من دخل الأسرة يتفق على الطعام وإن العائلة التي دخلها حوالي 4300 ريال تعتبر تحت خط الفقر ومع تحفظي على هذا الرقم ولكن يجب أن يكون لدينا إحصائيات عن عدد الأسر الفقيرة وماهو خط الفقر المعتمد في بلادنا وكيف تصرف العائلة في المملكة السعودية مواردها المالية إن وجدت.

وفي عالمنا العربي هناك تجربة رائعة في محاربة الجوع متمثلة في تجربة بنك الطعام في مصر وعرفوا البنك كما هو موضح في موقعة الإلكتروني بقولهم ” نحن مؤسسة حيادية متخصصة في مكافحة الجوع عبر التنوع والابتكار في إيجاد برامج ذات فاعلية في معالجة مشكلة الجوع بصفة مستمرة في إطار مؤسسي بالتعاون مع كل من يهمه أمر من بات جائعاً على أرض مصر”.   وهو عمل مؤسسي بعيد عن الإجتهادات الفردية التي عادة لاتستمر أو كما قال أحد الأصدقاء عملنا التطوعي يبداء بحماس ويننتهي بفتور وهو صادق في ذلك. والهدف السامي لبنك الطعام بمصر هو خلو مصر من الجوعى بحدود عام  2020  ميلادي وهو طموح قد يصعب تحقيقة لأنه لايمكن أن يخلوا مكان من وجود جوعى ولكن أعتقد أن يكون الهدف واقعي بمعنى أن نحاول من التقليل من عدد الجوعى والمحتاجين. وتجربتهم جميلة ممكن أن نستفيد منها في تنفيذ بنك الطعام في الرياض ومنها على سبيل المثال لاالحصر:

1. إيجاد قاعدة من المحتاجين للطعام في مدينة الرياض

٢. التسيق مع الجهات ذات الإختصاص مثل جمعيات البر. المحلات التجارية وغيرها.

3. نشر الوعي لدى الصغار كمرحلة أولية والكبار كمرحلة لاحقة وتعليمهم كيفية تقليل الفاقد وإستغلال الفائض بأسلوب عصري متحضر وتعليم العادات السليمة في تناول الأطعمة.

وقد أعجبتني سياسة بنك الطعام المصري في تكوين شركات مجتمعية مع هئيات المجتمع المدني وتشجيع المتطوعين في القيام بأغلب أعماله فقد وصل عدد المتطوعين لدى البنك  خمسة الأف متطوع ومتطوعة في برامج مبتكرة ونصيحتي لبنك الطعام بالرياض تشجيع المتطوعين من الجنسين وعمل برامج إبتكارية ولدى بنك الطعام المصري برامج تأهيل للفقراء بمعني أن من يتلقى الطعام من عندهم يساعدوه للحصول على مهنة تغنيه عن خدماتهم ومن مشاريعهم تأهيل مهني لمشاريع متناهية الصغر وتأهيل مهني للعمل في مجال السياحة وتأهيل تعليمي وقد أقترح على بنك الطعام بالرياض أن تكون تقديم الطعام مشروط بالإنخراط في مثل هذه البرامج تأسيا بالقول أعطني سنارة ولاتعطني سمكة ونصيحة حبيبنا رسول الله صلى علية وسلم  لذلك السائل عندما أعطاه فاس وقال له اذهب وأحتطب .

ومن التجارب العالمية في هذا المجال بنك شمال وشرق نورث كارولينا بأمريكا تأسس عام 1980 ميلادي ويعتبر من أقدم البنوك في هذا المجال وله تجربة رائعة من الأفضل للقائمين على بنك الطعام بالرياض الإستفادة منه. وهدف البنك أن لايكون هناك أي شخص جائع في  نورث وشرق كارولينا وهو بنك لايهدف للربح ولكن يعمل على تحقيق رفاهية المواطنين ولدى البنك 800 شريك من شركات أطعمة، مطاعم، وغيرها وفي عام 2009 ميلادي تم توزيع 41.5 باوند من الأطعمة وكعادة الدول المتقدمة بالإهتمام بالإحصاء يقول البنك إن نسبة الأطفال المشمولين بخدمات البنك يبلغ 29% ونسبة الكبار 8%.

ومن التجارب الجيدة في أمريكا برنامج أسمه Feeding America ومعناه غذي أمريكا ويهدف إلى نشر ثقافة العطاء لدي الشعب الأمريكي ومساعدة الجوعى وسنويا يقدم الغذاء ل 37 مليون من قليلي الدخل منهم 14 مليون طفل و 3 مليون كبير سن، ولديهم 200 بنك للطعام في 50 ولاية أمريكية ويدعم 61 جمعية خيرية ولديهم  70,000 برنامج خيري. ويعتبر كالمظلة التي تعمل من خلالها بنوك الغذاء.


د. عبيد بن سعد العبدلي

مؤسس مزيج للاستشارات التسويقية والرئيس التنفيذي أستاذ جامعي سابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ورحمته الله وبركاته
    تسلم يا دكتور على هذا الموضوع
    مع جزيل الشكر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق