حماية المستهلك وخطوة الألف ميل في سوقنا المحلي (١-٢)
خطوة يبداْ بها الألف ميل في حماية المستهلك في المملكة العربية السعودية و وتعتمد على وضع سياسة لحماية المستهلك ومن تشجيع مبدأ الشفافية في السوق، وأن يكون المستهلك صاحب قرار في اتخاذ أفضل بديل بين السلع المتاحة في السوق، وأن يعطى الثقة والاطمئنان عند التعامل مع الشركات؛ سواء المحلية أو العالمية، أو مع صاحب بقالة صغيرة أو صاحب متجر كبير أو منتج صناعي أو خدمي أو زراعي.
إن سوقنا السعودية ناشئة تنقصها أشياء كثيرة من أبرزها ضعف الثقافة التسويقية لدى المستهلك، وضعف الرقابة الحكومية على التجار وإلى حد ما جشع بعض التجار. على الرغم من أن حماية المستهلك مهمة، إلا أننا لا نملك أدواتها ولا أساليبها، لذلك علينا الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة؛ لأنها دول تراكمت لديها الخبرات والتجارب الجيدة. وما المانع من الاستفادة من هذه التجارب ولا سيما أنها لا تتعارض مع قوانيننا ولا الشريعة الإسلامية، بل هي نابعة من خدمة الإنسان وحمايته، وهذا ما يشجع عليه ديننا الإسلامي.
أعتقد أن حماية المستهلك في المملكة العربية السعودية يجب أن ترى النور، وأن تكون لديها ضوابط قانونية تحمي المستهلك السعودي من خلال مسارين:
الأول: من خلال القوانين والتشريعات التي تسنها الحكومة والتي تهدف إلى حماية المستهلك، وسوف نتطرق لاحقاً إلى القوانين والتشريعات التي سنتها الحكومة السعودية لحماية المستهلك.
الثاني: من خلال منظمات وهيئات المجتمع المدني والهيئات الحكومية المتنوعة والتي يجب أن تكون أعمالها حيادية.
إنّ قدرنا أن ننفتح على الأسواق العالمية وعلى العالم ككل، خصوصاً أن انضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية يحتم علينا العمل بسرعة على إعطاء المستهلك السعودي الحماية التي يستحقها.
إنّ العالم يتغير بسرعة فلا مكان فيه للدول البطيئة. ولقد أعجبني تعبير أحد رجال الأعمال عندما سئل عن تأخر انضمام المملكة العربية السعودية إلى منظمة التجارة العالمية، فقال إنها في بداية المنظمة كانت تشبه القطار البطيء الذي باستطاعة أي راكب أن يلحق به، ولكن عندما اشتد عودها، فقد أصبحت تشبه القطار السريع الذي يصعب اللحاق به.
لقد طورت الأسواق من حولنا أنظمتها وسنت القوانين التي تحمي مستهلكيها. فقد تناولت بعض الصحف قصة شاب سعودي في دبي طلب منه الحلاق ٤٠ درهماً مقابل الحلاقة، على الرغم من أن السعر الموضح في المحل هو ١٠ دراهم، إلا أنه اتصل بحماية المستهلك هناك التي أغلقت المحل بالشمع الأحمر خلال نصف ساعة واقتادت الحلاق إلى مركز الشرطة للتحقيق معه ومعاقبته.
ما دام هدفنا هو الاقتصاد الحر، وهو هدف نبيل نسعى جميعاً إلى تحقيقه، فإنه لا بد من سن القوانين والتشريعات في حماية المستهلك، وقيام جمعية حماية المستهلك والهيئات الحكومية اللازمة لحماية الأسواق والمستهلكين، وأن يتسع نشاطها لتغطية جميع المدن والقرى في مملكتنا الغالية. وعلى وزاراتنا والجهات الحكومية ذات العلاقة ومثقفينا ورجال الأعمال والغرف التجارية، العمل جنباً إلى جنب لترى مثل هذه الجمعيات النور ويبدأ نشاطها في أسرع وقت.
ولئن كان التجار في المملكة العربية السعودية يقدمون خدمة وطنية كبرى لبلادهم ويسهمون في تطور اقتصادها، فإن هناك قلة منهم عديمو الضمير، كما هي عادة النفس البشرية في كل زمان ومكان؛ إذ يكون همهم الربح دون النظر إلى الوسيلة التي يحصلون بها عليه، فيروجون سلعًا غير جيدة أو مقلدة، وفي بعض الأحيان مضرة بالصحة. وهؤلاء وإن كانوا، بحمد الله، قلة بين منتجينا ومسوقينا، إلا أن تركهم دون رقيب أو حسيب ربما يفاقم المشكلة، فينال ضررهم جميع فئات المجتمع بما في ذلك الأكثرية الشريفة من التجار والمصنعين.
وتوجد عدة جهات رسمية في المملكة تراقب جودة المنتج، وتكافح الغش في السوق مثل الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس ووزارة التجارة والصناعة والبلديات المختلفة، وهناك وعي للمستهلك بتعريفه بما يصلح له، لكن ذلك لا يقلل من أهمية وجود جمعيات تحميه وتبلغ صوته للجهات المسؤولة.
(من كتابي حماية المستهلك بالمملكة العربية السعودية)