رسالتي إلى جمعية حماية المستهلك
إن المستهلك السعودي ما زال في كثير من الأحيان يلعب دور المتلقي السلبي لما يعرض عليه في السوق دون أن يكون له تأثير حقيقي في اختيار المعروض أمامه من سلع أو خدمات، بل حتى دون فرصة لإبداء رأيه فيما يريد أو لا يريد من باب الاعتراف بالمصلحة المشتركة بينه وبين التاجر. فرغم أن العملية كلها تدور على المستهلك، باعتباره هو الذي سيدفع قيمة السلعة من عرق جبينه، وهو الذي سيستهلكها بما فيها من خير أو شر؛ فإنه في حالات كثيرة يقع ضحية شرنقة محكمة ينسجها حوله التاجر والمسوق والإعلان تفقده خياره الواعي وربما تفقده صحته وحياته.
وهذه الصورة القاتمة رغم أنها تمثل الواقع إلى حد كبير إلا أنها صورة نسبية إلى حد كبير أيضًا بحمد الله. فلا نتوقع أن كل منتج وكل مسوق وكل بضاعة أو إعلان في السوق السعودية هو مضلل ومضر، بل العكس هو الصحيح إذ أن سوقنا السعودي رغم ما يحيط بها من سلبيات تحتاج إلى معالجة جادة بلا شك؛ إلا أنها مع ذلك من أفضل أسواق العالم الثالث نظرًا إلى أن هناك العديد من الجهات الرسمية التي تسهر على مراقبتها والحفاظ على سلامة عملياتها التجارية وعلى جودة ما يعرض فيها من بضائع وخدمات.
غير أن ذلك لم يحل دون تسرب بعض المواد والممارسات غير المرغوبة إلى هذه السوق، فضلاً عن أننا نطمح دائمًا إلى الكمال، خصوصًا إذا تعلق الأمر بصحة الناس وحياتهم، أو تعلق بالحلقات الأضعف في المجتمع؛ بسبب إنخفاض دخلها مما يجعلها غير قادرة على المغامرة به، أو لضعف وعيها بحقوقها مما يسهل التلاعب بها.
كل هذا يجعلنا نبرز هذه النسبة السلبية ونركز على أساليب القضاء عليها أكثر من تركيزنا على النسبة الإيجابية رغم أنها هي النسبة الغالبة.
واتوقع إنه يجب على جمعية حماية المستهلك دور مهم في المطالبه بحقوق المستهلك السعودي ومدى كفاية الضمانات المقدمة له والإجراءات المتخذة لحمايته، مع مقارنة واقع سوقنا المحلية ببعض التجارب المثمرة خصوصًا في أسواق الدول المتقدمة، والتركيز على أهمية إشراك المستهلك في قرار السوق، وضرورة أخذ رأيه فيما يباع له وكيف يباع ومتى…الخ الأسئلة المتعلقة بهذا المجال.
وفي رأيي أنه لا يوجد أسلوب أمثل لإشراك المستهلك في قرار السوق من تأسيس جمعيات رقابية أهلية مهنية نابعة منه هو، وذات استقلال تام عن كل الجهات الرسمية وغير الرسمية الأخرى، وتكون مهمتها حماية المستهلك والسهر على مصالحه والدفاع عن وجهة نظره لدى الجهات ذات العلاقة كما هو موجود في البلدان الكبرى.
والهدف من وراء ذلك كله هو صون السلامة العامة والحفاظ على بيئتنا الطبيعية والاقتصادية نقية من كل أضرار قد تكون لها عواقب وخيمة (صحيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا) نحن في غنى عنها.
واعتقد إن السوق السعوديه سوق حره، وتعني في أبسط صوره إتاحة كامل الحرية للمنتج والبائع في التسعير بما يتناسب مع نوع المنافسة والمنتجات والخدمات المصاحبة، ويبقى دور الرقابة على الأسعار والسلع في الأسواق، التأكد من وضع بطاقة تعريف تشمل معلومات عن السلعة وسعرها بشكل واضح وفي مكان بارز، بحيث لا تتدخل فيإرتفاع السعر أو إنخفاضه، وتترك لي ولك أيها المستهلك لنقرر إما الشراء بالسعر الموضح، وإما التفاوض مع البائع، وإما عدم شراء السلعة.
وسؤالي هل يستطيع المستهلك في السوق السعودية تقييم جميع السلع من ناحية الجودة والسعر، وهل لديه معرفة بالسلع المقلدة والمغشوشة؟
أعتقد أنه يصعب علينا كمستهلكين معرفة ذلك؛ لأن المنتجات المعروضة في أسواقنا السعودية، ولله الحمد، كثيرة لا تحصى، وتتضاعف بصورة دورية؛ فالمنتجات الجديدة تزداد والمستهلك في حيرة من أمره. إن التنافس على ميزانية المستهلك السعودي يزداد، والرسائل الإعلانية اليومية التي يتلقاها تفوق الألف رسالة موزعة على إعلانات طرق وإعلانات صحف وإعلانات راديو أو عن طريق الإنترنت وغيرها، فكلها تحرض على الشراء وتقدم الخيارات المتعددة وتبيع الأحلام. ويتعرض المستهلك السعودي لأساليب بيع ملتوية وغير نزيهة في أحيان كثيرة، فأغلبنا لديه تجارب لا تحصى عن شراء منتجات فيها عيب مصنعى أو شراء سلع بوعود ضمان لا تنفذ، أو بأسعار مبالغ فيها.
لذلك فإن حماية المستهلك تؤدي دوراً مهماً في حماية الأسواق والبائعين والمستهلكين، وفي نظام اقتصاد السوق بأكمله. ولذلك تلعب جمعية حماية المستهلك دور كبير في ذلك.
إن مشاركتي في جمعية حماية المستهلك ينبع من تجارب شخصية في السوق البريطانية التي عشت فيها كثيراً، ومن تجارب في السوق الأمريكية وزيارات متعددة للكثير من البلدان المتقدمة، ومن خبراتي العملية التي اكتسبتها من بعض شركاتنا المحلية كصاحب قرار وكمستهلك للكثير من السلع في السوق السعودية، ومن خبراتي الأكاديمية في هذا المجال، وكذلك مشاركتي الفاعله في الصحافة والاعلام المرئي من اجل توعية المستهلك في السوق السعودي.
و أسأل أن تكون الجمعية خطوة يبداْ بها الألف ميل في حماية المستهلك في المملكة العربية السعودية.
واعتقد ان تتبنى الجمعيه سياسة تشجيع مبدأ الشفافية في السوق، وأن يكون المستهلك صاحب قرار في اتخاذ أفضل بديل بين السلع المتاحة في السوق، وأن يعطى الثقة والاطمئنان عند التعامل مع الشركات؛ سواء المحلية أو العالمية، أو مع صاحب بقالة صغيرة أو صاحب متجر كبير أو منتج صناعي أو خدمي أو زراعي.
إن سوقنا السعودية ناشئة تنقصها أشياء كثيرة من أبرزها ضعف الثقافة التسويقية لدى المستهلك، وضعف الرقابة الحكومية على التجار وإلى حد ما جشع بعض التجار.
على الرغم من أن حماية المستهلك مهمة، إلا أننا لا نملك أدواتها ولا أساليبها، لذلك علينا الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة؛ لأنها دول تراكمت لديها الخبرات والتجارب الجيدة. وما المانع من الاستفادة من هذه التجارب ولا سيما أنها لا تتعارض مع قوانيننا ولا الشريعة الإسلامية، بل هي نابعة من خدمة الإنسان وحمايته، وهذا ما يشجع عليه ديننا الإسلامي.
أعتقد أن حماية المستهلك في المملكة العربية السعودية ويجب أن ترى النور، وأن تكون لديها ضوابط قانونية تحمي المستهلك السعودي من خلال مسارين:
الأول: من خلال القوانين والتشريعات التي تسنها الحكومة والتي تهدف إلى حماية المستهلك،
الثاني: من خلال منظمات وهيئات المجتمع المدني والهيئات الحكومية المتنوعة والتي يجب أن تكون أعمالها حيادية.
إنّ قدرنا أن ننفتح على الأسواق العالمية وعلى العالم ككل، خصوصاً أن انضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية يحتم علينا العمل بسرعة على إعطاء المستهلك السعودي الحماية التي يستحقها.
لقد طورت الأسواق من حولنا أنظمتها وسنت القوانين التي تحمي مستهلكيها. فقد تناولت بعض الصحف قصة شاب سعودي في دبي طلب منه الحلاق ٤٠ درهماً مقابل الحلاقة، على الرغم من أن السعر الموضح في المحل هو ١٠ دراهم، إلا أنه اتصل بحماية المستهلك هناك التي أغلقت المحل بالشمع الأحمر خلال نصف ساعة واقتادت الحلاق إلى مركز الشرطة للتحقيق معه ومعاقبته.
ما دام هدفنا هو الاقتصاد الحر، وهو هدف نبيل نسعى جميعاً إلى تحقيقه، فإنه لا بد من سن القوانين والتشريعات في حماية المستهلك، وقيام جمعية حماية المستهلك والهيئات الحكومية اللازمة لحماية الأسواق والمستهلكين، وأن يتسع نشاطها لتغطية جميع المدن والقرى في مملكتنا الغالية. وعلى وزاراتنا والجهات الحكومية ذات العلاقة ومثقفينا ورجال الأعمال والغرف التجارية، العمل جنباً إلى جنب لترى مثل هذه الجمعيات النور ويبدأ نشاطها في أسرع وقت.
ولئن كان التجار في المملكة العربية السعودية يقدمون خدمة وطنية كبرى لبلادهم ويسهمون في تطور اقتصادها، فإن هناك قلة منهم عديمو الضمير، كما هي عادة النفس البشرية في كل زمان ومكان؛ إذ يكون همهم الربح دون النظر إلى الوسيلة التي يحصلون بها عليه، فيروجون سلعًا غير جيدة أو مقلدة، وفي بعض الأحيان مضرة بالصحة. وهؤلاء وإن كانوا، بحمد الله، قلة بين منتجينا ومسوقينا، إلا أن تركهم دون رقيب أو حسيب ربما يفاقم المشكلة، فينال ضررهم جميع فئات المجتمع بما في ذلك الأكثرية الشريفة من التجار والمصنعين.
وتوجد عدة جهات رسمية في المملكة تراقب جودة المنتج، وتكافح الغش في السوق مثل الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس ووزارة التجارة والصناعة والبلديات المختلفة، وهناك وعي للمستهلك بتعريفه بما يصلح له، لكن ذلك لا يقلل من أهمية وجود جمعيات تحميه وتبلغ صوته للجهات المسؤولة.
(هذة رسالة أرسلت الى الجمعية السعودية لحماية المستهلك في شهر مايو 2008 ) ولم أتلقى ردا حتى هذه اللحظة
الدكتور عبيد العبدلي
السلاك عليكم ورحمة الله وبركاتة
مساء الخير بارك الله فيك علي الطرح الطيب واتمني منكم ايصال هذي الصوت بسرع وقت ممكن ونفيدكم باني نسخت هذي الكلام في منتدي وتحت اسمكم الكريم في منتديات حفر الباطن