الهاتف في حياتنا
يندر أن نذهب إلى أي مكان دون أن نسمع صوتًا للهاتف المحمول حتى في بيوت الله نسمع أنواعًا مختلفة من الرنات الموسيقية التي يكون مصدرها الهاتف المحمول.
فهناك ثورة حقيقية في الاتصال المحمول، بحيث تساوى في استخدامه الغني والفقير، وصار الصغار والكبار والرجال والنساء يحملون في أيديهم الهواتف المحمولة أينما ذهبوا، ويأكلون ويشربون وتليفوناتهم المحمولة بجانبهم، وإذا خلدوا إلى النوم فآخر ما يقومون به هو تحسس هواتفهم للتأكد أنها قريبة منهم، وإذا استيقظوا هرعوا إليها قبل أن تنفتح أعينهم لمراجعة المكالمات والرسائل الواردة إليها والتي قد تكون بالعشرات، فهي أصبحت من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها أو هكذا يخيل إلينا.
وأكاد أجزم أن أكثر من 90% من الأشخاص الذين بلغوا سن التمييز في المملكة العربية السعودية حاليًا يحملون هواتف محمولة.
والهاتف أصبح وسيلة لأداء أغلب أدوار الحياة، فيمكن أن تنشأ من خلاله جميع أنواع العلاقات، سواء كانت علاقات عمل أو علاقات شخصية، كما يمكن من خلاله قطع هذه العلاقات ـ لا قدر الله ـ بالسهولة نفسها. بل إنه يمكن للشخص أن ينهي علاقته الزوجية بمكالمة أو حتى رسالة فقط. ويكفي أن تلقي نظرة على التغيرات التي طالت أسلوب حياتنا وطريقة تواصل بعضنا مع بعض، فكما أنه قرَّب البعيد، ويسَّر التواصل بين الناس، فإنه أيضًا قلل التواصل الاجتماعي بشكل ما، حيث قلت الزيارات الاجتماعية على سبيل المثال. ولكن هذه ضريبة التقنية التي لا بد من دفعها. والخلاصة أن الهاتف له أضراره كما أن له فوائده الكثيرة، لكن فوائده تبقى ـ على كل حال ـ أكثر من عيوبه. ويجب ألا ننسى أن طريقة استخدامنا للتقنية تحدد مدى استفادتنا منها ومدى ما يلحقنا منها من ضرر.
وهنا تكمن أهمية التدرب على الأسلوب الأمثل في التعامل مع الهاتف. فهناك من الآداب والأساليب الحضارية (الإتيكيت) ما يساعد على استخدام هذه التقنية بطريقة فعالة؛ مما يساعدنا في تطوير أعمالنا، ويجعل تواصلنا عبر الهاتف أكثر حميمية وفعالية. لذلك يتوجه هذا الكتاب إلى الأشخاص الذين يستخدمون الهاتف في أعمالهم أو في علاقاتهم الشخصية بكثرة، آملاً أن يجدوا فيه ما يساعدهم على ذلك. ولا يدعي هذا الكتاب أنه جديد في هذا المجال، فقد يكون ما فيه أو بعضه مألوفًا لك ـ أخي القاري ـ أو قد سمعت به وإن لم تطبقه أو بعضه. إنما الجديد فيه أنه يطمح إلى توظيف التجارب الشخصية والخبرة العملية والأكاديمية للمؤلف في وضع دليل يوضح الطريقة المثلى (وإن كانت ربما لا تكون الوحيدة) للتعامل مع الهاتف بطريقة مهنية، ومن وجهة نظر تسويقية نابعة من الحرص على تقديم خدمة أفضل للعميل السعودي تحوز على رضاه مما ينعكس في عائد أفضل أيضًا للمؤسسات التي تتعامل معه. فالتعامل الحسن مع الهاتف يقود إلى كسب المزيد من الأعمال، ويوثق العلاقات مع العملاء، ويساعد على التأثير الإيجابي على الآخرين. فلعل هذا الكتاب يكون خطوة أولى في هذا الطريق.