التسويقثقافه تسويقيه

نحو ثقافة تسويقية (6) أنصار البئيه وأضرار التسويق 1

ففيما تنادي جمعيات حماية حقوق المستهلك بحماية المستهلك من غش التجار وخداعهم؛ ينادي أنصار البيئة بحماية البيئة من تأثير التسويق والأنشطة التجارية المختلفة، فينادون بضرورة بقاء الجو نقياً من الشوائب، كما ينادون بالمحافظة على الغابات، والتقليل من المؤثرات الضارة على البيئة الخارجية وغير ذلك من الأمور التي يرون انها ضرورية لبقاء العيش على كوكب الأرض مأموناً ومريحاً.

وأنصار البيئة – عادة – جماعة منظمة من المواطنين العاديين المهتمين بقضايا البيئة، إضافة إلى رجال أعمال وجهات حكومية يتم إنشاؤها بهدف الإبقاء على البيئة صحية وجميلة.

وأنصار البيئة ليسوا ضد التسويق ولا الأنشطة التجارية والاستهلاكية، ولكنهم يسعون إلى الدفاع عن حقوق الناس في حياة نظيفة خالية من الأمراض ضد ما يعتقدون انها تصرفات غير مسؤولة من بعض المسوقين تؤدي إلى الإضرار بالمقومات الأساسية للبيئة.

لذلك يعتقد هؤلاء انه ينبغي ألا يكون هدف الشركة مجرد تعظيم الاستهلاك، والحرص على إرضاء المستهلك، واتاحة خيارات أوسع أمامه؛ بل يجب أن تتعدى مسؤولية المنتج ذلك إلى توفير حياة كريمة له، في ظل بيئة نظيفة.

وقد كان لنشاط هذه الجمعيات أثر كبير، خاصة في جعل بعض القطاعات الكبرى التي تكون لأنشطتها بعض الأضرار المحتملة على البيئة – مثل قطاع صناعة الحديد وغيره من القطاعات الصناعية – تتكفل بملايين الدولارات من أجل الحفاظ على البيئة، والعمل الجاد لجعل أنشطتها أقل ضرراً على الحياة الفطرية. فالشركات العاملة بالتغليف – مثلاِ – أجبرت على إيجاد حلول تقلل من استخدام الورق، ومن هذه الحلول تدوير الصناعة بإعادة الاستعمال أو إعادة التصنيع، وشركات السيارات أجبرت على استخدام البنزين الخالي من الرصاص… وهكذا نجد أن أغلب الشركات العالمية استجابت لمطالب أنصار البيئة مما كبدها تكاليف باهظة، وإن كان المستهلك هو الذي يتحمل هذه التكاليف في الحقيقة إلا انها تصب في النهاية في مصلحته.

وبذلك شعر المسوقون والمنتجون بأن تصرفاتهم أصبحت تحت الرقابة، مما يوجب عليهم التأكد قبل تسويق سلعهم انها مطابقة للمواصفات وليست ضارة بالبيئة.

واعتقد بأن الشركات العاملة في السوق السعودي، سواء أكانت شركات سعودية أم شركات عالمية لا تواجه مثل هذه الضغوط التي تواجهها الشركات الأوروبية والأمريكية – مثلاً – من أنصار البيئة. فهي تتمتع بالحرية الكاملة في ممارسة نشاطاتها في مواجهة أقل قدر ممكن من الرقابة والضغوط. إلا انني اعتقد أيضاً ان الوضع لن يستمر طويلاً على هذه الحالة، خاصة واننا نرى في هذه الأيام بعض القوانين التي تصب في هذا الاتجاه تسن من قبل الحكومة، كما نرى اهتماماً متزايداً من جانب المستهلكين بالأمور البيئية. وهذا يوجب على تلك الشركات أن تكيف وضعها، وأن تعي أن الوقت الذي سيتوجب عليها فيه أن تراعي هذه الضوابط والتشريعات قادم لا محالة، خاصة مع ازدياد الوعي بالأضرار البيئية للأنشطة التسويقية.

وأذكر هنا بالقوة التي يتمتع بها المستهلك في اختياره للسلعة التي يشتريها وممن يشتريها، وهو بالطبع لن يشتري إلا من الشركة التي تحترمه وتحترم رغباته.

فالمستهلك السعودي أصبح على اطلاع واسع وذا تعليم جيد، ويملك قوة التمييز اللازمة للتفريق بين الشركة المتميزة والجيدة من غيرها.

د. عبيد بن سعد العبدلي

مؤسس مزيج للاستشارات التسويقية والرئيس التنفيذي أستاذ جامعي سابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق